رئيس التحرير
عصام كامل

أخطر الغش!

أما أخطر الغش فهو الغش الصحي أو الغش الدوائي.. وتتجلى مظاهر الخطر فيما أوردته منظمة الصحة العالمية من أرقام في تقريرها عن معدلات انتشار الأدوية المغشوشة والتي تقدر بنحو يتراوح بين أقل من 1% في البلدان المتطورة وأكثر من 30% في بعض البلدان النامية وتصل في أفريقيا وأمريكا اللاتينية لنحو50% من إجمالي سوق الدواء فيها.


وتعرف المنظمة الدولية الدواء المغشوش بأنه "الدواء الذي يتم تحضيره باستعمال الغش المتعمد إلى هويته ومصدره".. وفي تعريف ثانٍ هو الدواء الذي لا تتطابق مكوناته وطريقة تحضيره المواصفات القياسية المتعارف عليها عالميًا.. وبالتالي يصبح هذا الدواء المغشوش غير فعال في علاج الأمراض.. بل يتسبب في إلحاق أعظم الضرر بالمريض".

حرام شرعا


لا شك أن تصنيع الأدوية المغشوشة وبيعها ظاهرة خطيرة آخذة في الانتشار سنة بعد أخرى وتطال في تأثيرها المدمر مختلف دول العالم المتقدم ومنها والنامي وهو ما ينبغي التصدي له بطرق رادعة وفعالة.. ثمة إجماع بين الباحثين ورجال الدين وكل ذي ضمير حي على أن الغش سلوك غير تربوي وغير أخلاقي وكل عمل ينطوي على غش فهو مرفوض ومذموم وحرام شرعًا سواء أكان ذلك في البيع أو التجارة أو تحصيل العلم أو الدواء في المعاملات بشتى صورها..

 

وقد حذر الشرع من مثل تلك الممارسات الضارة واتخاذها مطية لينال بها الإنسان ما ليس من حقه أو لإشاعة فساد بين الناس أو أكل أموالهم بالباطل.. يقول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ".. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا".. ويكون الغش في النصيحة، بعدم الصدق، والإخلاص فيها، وهذا من علامات المنافقين.. فعن جرير بن عبد الله، قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم ".. وعن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "الدين النصيحة. قلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم".

 


الغش والخيانة لهما آثار وخيمة وضارة على الفرد والمجتمع؛ فهما يجعلان صاحبهما في خسران في الدنيا والآخرة، فضلًا عما يسببانه من تعاسة نفسية يعانيها كل من سلك هذا الدرب المعتم.. وهما سبب لإضعاف الثقة بين الناس لما يترتب عليهما من خداع وظلم يطال الآخرين ويهدر حقوقهم ويهدد السلام الاجتماعي ويبدد الشعور بالأمن والطمأنينة وهو ما ينبغي أن نحذر منه ونزيد جرعات الوعي بخطورته حتى تنحسر هذه الظاهرة المزعجة.

الجريدة الرسمية