روايته ظلت حبيسة الأدراج بسبب فكرتها التشاؤمية.. 45 عامًا على عرض فيلم السقا مات
وصف بأحسن فيلم مصري عرض عام 1977، أخذ عن رواية بنفس الاسم للأديب الذى لقب بفارس الرومانسية يوسف السباعى والتي أصدرها عام 1952 واعتبرت من روائع أعماله، واختارها اتحاد كتاب دمشق كأفضل أعماله، ففي مثل هذا اليوم 22 نوفمبر عام 1977 عرض الفيلم العربى " السقا مات " من إخراج مخرج الواقعية صلاح أبو سيف الذي جسد فيه الحارة المصرية بكل أبعادها، واختير ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية في المركز الواحد والثلاثين.
والفيلم من سيناريو وحوار السيناريست محسن زايد والذي يمثل البداية الحقيقية لمشواره بسينما مترو ورومانس.
وتدور قصة الفيلم حول فلسفة الموت والصراع بين البقاء والفناء ووقعت احداثه في العشرينيات من القرن الماضي وتم تصوير معظم مشاهده بحارة شعبية بحي الحسين بالقاهرة، وقام ببطولته عزت العلايلي وفريد شوقي وشويكار وأمينة رزق وناهد جبر والطفل شريف صلاح الدين الذي كان قد قدم مسلسله الوحيد "الأيام" للدكتور طه حسين ليعاد اكتشافه سينمائيا.
في أحداث فيلم السقا مات: يمر السقا الفقير على المنازل حاملا قربة المياه لتوزيعها على سكان الحارة، تمرض " آمنة" زوجة السقا المعلم شوشة وتموت وهى تلد ابنها سيد، ومن شدة حب المعلم شوشة لها حزن علي رحيلها وقام بزرع شجرة تمر حنة في حديقة المنزل قام برعايتها وسقيها حتى لا ينسى زوجته، ولتظل ذكرى لها أمام عينيه، ويصادق شوشة- شحاتة أفندي - الرجل المغرم بتشييع الجنازات ويسير في مقدمتها، ويموت شحاتة أفندى المهرج المقبل على الحياة في بيت شوشة السقا، ويضطر السقا إلى أن يأخذ مكان شحاتة في السير أمام الجنازات، لكن يكرمه الله في النهاية ويسلمه أهل الحي حنفية مياه الحي ويعين شيخا للسقايين فيقبل على الحياة وتتغير أحواله، إلا أن البيت ينهار فوق رأسه ويموت ليكمل ابنه مسيرته.
ورغم إصدار يوسف السباعى روايته السقا مات عام 1952 ونشرت في حلقات بمجلة الرسالة الجديدة إلا أنها ظلت عشرين عاما حبيسة الإدراج لم يجرؤ أي من المنتجين او المخرجين على تقديمها سينمائيا بسبب فكرتها التشاؤمية الحزينة وخوفا من عدم تقبل الجمهور لمضمونها.
تحمس للقصة المخرج صلاح أبو سيف فى بداية السبعينات وحكى عن إعجابه بها بالصدفة في جلسة خاصة مع المخرج يوسف شاهين الذي جذبته فكرتها وطلب قراءتها وأعجب بها أيضا، وقرر إنتاجها كفيلم لصديق عمره صلاح أبو سيف فكان المنتج الوحيد الذي قبل القصة بعد أن رفضها أكثر من عشرة مخرجين.
الواقع المصري
أجمع النقاد على أن المخرج صلاح أبو سيف نجح في فيلم السقا مات في معالجة الواقع المصري في العشرينات والثلاثينات وذلك من خلال إظهار مهنة السقا ومهنة المطيباتي اللتان اختفتا وأصبحتا من التراث.
وقد صور أبو سيف هاتين المهنتين بقدرة فائقة، وجعلنا نعيش تلك الأيام كحقيقة، كما قدم للمشاهد وصفًا دقيقًا للأجواء الشعبية لحي الحسينية قبل وصول المياه إلى المنازل واعتماد الناس على السقايين وقد أضفى أبو سيف جوًا من الرومانسية والشاعرية الواقعية في مشاهد الفلاش باك الجميلة ضمن مشاهد الفيلم.