الدكتور هادي بن عايض يكتب: الكوايتة والمصاروة
بعد أن قضيت عشرات السنوات من عمري في مصر بين إقامة دائمة لسنوات وبين سفر دائم وبعد أن عرفت طبيعة الشعب المصري عن قرب يمكنني القول بكل ثقة إن العلاقة بين الشعب المصري والشعب الكويتي تختلف عن أي علاقة بين مجتمعين لأسباب كثيرة ولعل مباراة المنتخب المصري مع نظيره البلجيكي في الكويت كانت إحدى المناسبات التي أوضحت الود والعلاقة المتميزة بين البلدين، كان الجميل في الأمر عفوية التعبير وعفوية المواقف من مختلف الأعمار ولعل الطفل الكويتي الذي تحدث بعفوية وبراءة وتناقلت وسائل الإعلام مقطع الفيديو الذي قال فيه بحماس "مصر أحسن ناس في الدنيا" كانت أبلغ رسالة للجميع مرورا بحضور المباراة واحتفال الجماهير الكويتية والمصرية بالفوز المصري.
يضاف إلى اختلاف العلاقة بين الشعبين، اختلاف التسميات، ففي جمهورية مصر العربية الكويتيين "كوايتة" وفي الكويت المصريين "مصاروه“، وكثيرًا ما تستخدم هذه التسميات في حالات الاتفاق والاختلاف.
ورغم ما تناقلته وسائل الإعلام عن تلاحم الشعبين والود المتبادل إلا إنه بين فترة وأخرى نتابع بعض حالات الشد والجذب بسبب مواقف فردية وأحداث طبيعية ومتوقعة في أي مجتمع ويمكن حدوثها في كل المجتمعات وربما بصور أكثر حدة، إلا أن هذه الأحداث غالبا ما تنتهي بسرعة بعد تدخل العقلاء من الطرفين لتعود العلاقة الحقيقية بين الشعبين، فجمهورية مصر العربية ليست عاملا وصل إلى الكويت من خلال شراء فيزا عمل من تاجر إقامات فاسد ومصر ليست موظفا خالف القانون وارتكب جريمة سيرتكبها حتى وان كان في بلاده.
مصر ليست مصري قام بتهريب المخدرات الأمر الذي يقدم عليه المجرمون بمختلف جنسياتهم، مصر هي المعلم الذي يؤتمن على أجيال الكويت وهي الطبيب الذي يسهر على رعاية المرضى وإن كان هناك مصري يسرق فهناك مصري في ذات اللحظة داخل غرفة العمليات لإنقاذ أرواح الكويتيين، ومصر هي العامل الشريف الذي يقوم ببناء منازلنا وكأنه يبني منزله الخاص وهذه تجربة شخصية لي ولكثير من الكويتيين.
كذلك الكويت ليست سائحا فاسدا لديه الكثير من المال والقليل من الأخلاق، الكويت ليست تاجر إقامات فاسد استغل حاجة الفقراء واستقدمهم للكويت وتركهم يواجهون المجهول، الكويت ليست شخصا عنصريا متعاليا على الآخرين، الكويت هي المقاتل الذي ضحى بحياته للمشاركة في الحروب دفاعًا عن مصر، الكويت هي الشخص الذي يدين لمصر بمواقفها العظيمة ومنها تحرير وطنه الذي "خرج من الجغرافيا ودخل التاريخ" ويستذكر موقف رئيسها السابق حسني مبارك رحمه الله خلال اجتماع الجامعة العربية، الكويت هي الزائر لمصر حبًا في شعبها القريب من القلب والذي لا يعرف الحقد وشغفًا بتاريخها وحضارتها، الكويت هي الكويتي والكويتية الذين يكفلون الأيتام ويدفعون الصدقات للمحتاجين، الكويت هي الكويتي الذي يذهب طلبًا للعلم والثقافة ويعود بالمؤهلات العلمية للمساهمة في بناء وطنه.
الكويت ومصر أكبر بكثير من أحداث عابرة تذهب مع الريح ومن واقع الخبرة فإن الجميل أن الخلاف مع المصري لا يستمر أكثر من يومين بعكس شعوب أخرى تتوارث الخلافات.. هذا ودمتم.
