كيف نجحت مصر في الخروج بوثيقة شرم الشيخ؟!
نجحت مصر في مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التغير المناخي في شرم الشيخ cop 27 في تجنب عدد من المطبات التي كادت أن تفشل المؤتمر في اللحظات الأخيرة واحتواء التهديدات بالمغادرة والخروج بوثيقة شرم الشيخ بشكل ناجح، وكان رئيس المؤتمر ووزير الخارجية سامح شكرى يظهر بكل ثبات وهدوء ومعه فريق تفاوض..
ضم الفريق السفير وائل أبو المجد الممثل الشخصي لرئيس المؤتمر والسفير محمد نصر مدير البيئة والتنمية المستدامة بالخارجية والسفير حازم العطوي نائب المنسق العام للمؤتمر والسفير أشرف أمين والسفير أيمن أمين والسفير أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية والوزير مفوض حسين رشدي وعدد كبير من المتخصصين من عدة قطاعات من وزارة البيئة الوزيرة ياسمين فؤاد وشريف حسني ووائل فرج وعمرو أسامة، نجحوا جميعا في الوصول بالمفاوضات إلى بر الأمان بجانب بالطبع مساندة الأمم المتحدة وأمينها العام انطونيو غوتيريس.
ضغوط الدول المتقدمة
وكان من بين المطبات محاولة بعض الدول مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا وكندا والهند وضع العصا في العجلة في مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التغير المناخي فى شرم الشيخ، وإضافة مزيد من المطالب في الأيام الأخيرة قبل إختتام المؤتمر بعد أن تبين مدى قوة التيار المكون من الدول الأفريقية ودول نامية عدة..
والذي ضغط بقوة لإقرار إنشاء صندوق لتمويل الخسائر والأضرار في الدول النامية التي تعاني من آثار التغير المناخي من زيادة الفيضانات مثلما حدث في باكستان ونيجيريا وزيادة الحرائق في الغابات مثلما يحدث في البرازيل وموجات الجفاف مثلما يحدث في دول إفريقية والأعاصير مثلما يحدث في الأمازون وأمريكا الاتينية وزيادة موجات الحرارة في الصيف والبرودة في الشتاء مثلما يحدث فى كل العالم..
جبهة الدول المتقدمة كانت تأمل في الاكتفاء بمناقشة الخسائر والأضرار على جدول الأعمال وإرجاء التوصل لاتفاق حول التمويل لمدة عامين حتي ٢٠٢٤ في المؤتمر الذي سيعقد في استراليا cop 29، أو في المؤتمر العام القادم في الإمارات cop 28، إلا أن هذا تم مقابلته بالرفض تماما، وعلي سبيل المناورة، قامت الدول الأوروبية مساء الجمعة الماضي بوضع مقترح على طاولة المفاوضات كحزمة لابد أن يتم تنفيذها بالكامل وتتضمن لأول مرة الموافقة على إنشاء صندوق الخسائر والاضرار بشرط أن يوجه تمويله للفئات الأكثر ضعفا..
مساهمة الصين
بجانب أن يتم إيجاد قاعدة ممولة واسعة تضم دول مثل الصين لأنها ليست دولة نامية كما تدعي مع وجود قاعدة مانحة مالية موسعة تساهم في الصندوق كجزء من الحلول المتكاملة، والتي تشمل إصلاح بنوك التنمية المتعددة الأطراف على سبيل المثال، وضمت حزمة المطالب الأوروبية أيضا إجراءات أشد بشأن المساهمات المحددة وطنيًا والمحدثة بما يتماشى مع هدف 1.5 درجة في اتفاقية باريس والوصول إلى محددات الانبعاثات العالمية بحلول عام 2025.
وأكد نائب الرئيس التنفيذي فرانس تيمرمانز بأن الأمر يجب أن يكون في إطار صفقة شاملة، وهدد في مؤتمر صحفي بالانسحاب من المؤتمر وإفشاله لأن عدم الخروج بقرارات أفضل من الخروج بقرارات ضعيفة، وعندما تم سؤاله أن الاتحاد الأوروبى يختبئ خلف الولايات المتحدة في مواقفها أجاب بغضب إننا لا تختبئ خلف أحد فقد قدمنا الكثير من أجل مكافحة التغير المناخي إلا أنه استدرك قائلا إن مواقف الولايات المتحدة في المؤتمر جيدة ونحن نتفق معها..
وأشار أن دول مثل الصين عليها أن تساهم في الصندوق لأن ما كان ينطبق عليه مصطلح دولة نامية عام ١٩٩٢ لم يعد الآن في ٢٠٢٢ مثل الصين وسنغافورة، والولايات المتحدة بالطبع كان لها تأثيرها في تحريك عدة دول قبل نهاية المؤتمر في تقديم مطالب محددة لتوسيع المطالب وإفساد هدف إنشاء الصندوق، مثلما فعلت الهند..
طالبت الهند أن يتضمن البيان الختامي خفض استخدام كل الوقود الأحفوري وليس الفحم فقط ليضم البترول والغاز الطبيعي ويتم بيان مدى الخفض في ٢٠٢٥ تمهيدا للخفض التدريجي بنسبة ٣٠% عام ٢٠٣٠ والوصول إلى صفر انبعاثات عام ٢٠٥٠، كما نصت إتفاقية باريس.. وهو الخفض الذي تقاومه دول مثل الصين ودول الخليج البترولية وغيرها، والتي قامت بالضغط الشديد لعدم وضع ذلك المبدأ في البيان الختامي..
الصين أيضا من جانبها مارست ضغوط ووضعت مطبات في طريق المؤتمر عن طريق التكتل الكبير الذي تحركه خاصة من الدول النامية، ونجحت مصر وسط كل هذه الضغوط في الوصول إلى حلول وسط بمبدأ ما لا يؤخذ كله لا يترك كله، وهى الحلول الوسط التي أرضت الدول النامية والأفريقية التي تمثلها مصر على حساب المناورات من الدول المتقدمة والصين التي ترفض دفع أموال لصندوق الخسائر والأضرار مفضلة ان تدفع بشكل ثنائي مع الدول المتضررة فى شكل مشروعات استثمارية أو منح قليلة أو قروض..
واستطاعت مصر إحباط بعض تلك المناورات التي أرادت وضع العصا في عجلة مكافحة التغير المناخي وتعويض الدول النامية من أضراره، لدرجة أن نائب الرئيس التنفيذي للاتحاد الأوروبي فرانس تيمرمانز قال فى بيانه عقب المؤتمر إنه وفريقه المفاوض شعروا بالإرهاق، ولكن رئيس المؤتمر سامح شكري والوفد المصري استمروا في التفاوض برغم ارهاقهم ولم ييأسوا، وانتقد البيان الختامي الذي لم يتضمن كل ما طلبه الاتحاد الأوروبي خاصة تخفيض استخدام الوقود الأحفوري
ولهذا فقد سارع البعض في معسكر الدول المتقدمة إلي انتقاد البيان الختامي الذي وافقوا عليه في الساعات الأولى من صباح اليوم الأخير مضطرين، بحجة أنه لم يؤكد علي تخفيض استهلاك كل الوقود الأحفوري..
صندوق الخسائر والأضرار
و قد اتفق المندوبون من ١٩٧ دولة في مؤتمر المناخ COP27 على إنشاء صندوق "خسائر وأضرار" يهدف إلى مساعدة البلدان الضعيفة على مواجهة الكوارث المناخية، في صفقة تاريخية في وقت مبكر من صباح يوم الأحد في شرم الشيخ، كما أعادت وثيقة شرم الشيخ الصادرة عن المؤتمر، التي يعد الصندوق جزءًا منها، التأكيد على هدف الحفاظ على الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية - وهو مطلب رئيسي من عدد من البلدان.
ولكن رغم أن الاتفاقية تمثل اختراقًا فيما كان عملية تفاوض مثيرة للجدل، إلا أنها لم تعزز اللغة حول خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض. كما لم يشر النص النهائي إلى التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، بما في ذلك النفط والغاز. يمثل الاتفاق النهائي المرة الأولى التي توافق فيها دول ومجموعات، بما في ذلك الدول الرافضة منذ فترة طويلة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على إنشاء صندوق للدول المعرضة للكوارث المناخية التي تفاقمت بسبب التلوث الناتج عن الدول الغنية والصناعية.
وأشاد المفاوضون والمنظمات غير الحكومية الذين راقبوا المحادثات بتأسيس الصندوق باعتباره إنجازا هاما بعد تكاتف الدول النامية والدول الجزرية الصغيرة لتضخيم الضغط. وقال مولوين جوزيف، رئيس تحالف الدول الجزرية الصغيرة، في بيان: "الاتفاقات التي تم التوصل إليها في COP27 هي انتصار لعالمنا بأسره". "لقد أظهرنا لأولئك الذين شعروا بالإهمال أننا نسمعك ونراكم ونمنحك الاحترام والرعاية التي تستحقها."
و أشار الجانب الأمريكي أن صندوق الخسائر والأضرار لا يشمل أحكام المسؤولية أو التعويض، والذي تسعى الولايات المتحدة والدول المتقدمة الأخرى إلى تجنب مثل هذه الأحكام التي قد تعرضها للمسؤولية القانونية والدعاوى القضائية من دول أخرى.
وقد اتفق المؤتمر على تشكيل لجنة من بعض المسؤولين فى عدة دول تمثل الدول المتقدمة والنامية للقاء ووضع التوصيات حول التمويل بشمل عام وسيتم بحث كل ذلك فى مؤتمر cop 28 فى الإمارات العام القادم، حيث لا تزال التفاصيل حول كيفية عمل الصندوق غامضة، ويترك النص الكثير من الأسئلة حول موعد الانتهاء منه وتشغيله، وكيف سيتم تمويله بالضبط وبدون تأكيدات واضحة حول كيفية الإشراف على صندوق الخسائر والأضرار.