في مؤتمر cop 27.. كل يغني على ليلاه
أظهرت المناقشات سواء في العلن أو خلف الستائر بين الـ ١٩٧ دولة المشاركة في مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة للتغير المناخي cop 27 بجانب حوالي ثلاثين ألفا من الذين حضروا بالفعل للمؤتمر إن كل دولة لها أجندة مختلفة، وأن هناك دولا تسعى لتحويل الأمر من ملف بيئي يسعى لإنقاذ الأرض إلي ملف سياسي، فربما تكون هناك مجموعات تفاوضية تشمل دول عديدة تتحدث عادة بصوت واحد إلا أن داخل كل مجموعة توجد اختلافات في وجهات النظر..
وربما كانت المجموعة الإفريقية التي تتكون من ٥٤ دولة هي الأكثر تجانسا إلا أن مجموعة ال ٧٧ للدول النامية والصين والتي تضم ١٣٤ دولة بينها خلافات فالصين تسعي لعدم دفع تعويضات كبيرة للتغير المناخي بحجة أنها دولة نامية ولا تريد الوصول إلي صفر انبعاثات كربونية في ٢٠٥٠ بحجة أن الدول الغنية ظلت علي مدي أربعين عاما تستخدم الوقود الاحفوري مثل الفحم والبترول لتزيد من الانبعاثات في الكرة الأرضية، والآن يريد العالم أن يوقف الاعتماد علي الوقود الاحفورى خاصة الفحم خلال عشرين عاما فقط، وهو ما تتعمق معها فيه دول أخرى من الدول الإفريقية والنامية والعربية الخليجية ومجموعة الدول الأقل نموا البالغ عددهم ٤٦ دولة..
تغيرات مناخية
إلا أن دول نامية أخرى تواجه مخاطر أشد من التغير المناخي من جفاف وعواصف ودرجات حرارة عالية وفيضانات مثل باكستان وجزر المحيطات والسكان الأصليين فى البرازيل وبيرو وكولومبيا يريدون تقليل تلك الظواهر والتغيرات المناخية المؤثرة علي حياتهم وأرواحهم، ويشاركهم في ذلك مجموعة الدول الجزرية والبالغ عددهم ٤٠ دولة، ومجموعة دول السلامة البيئية وعددهم ٦ دول..
أما بالنسبة لمطلب تعويض الخسائر والأضرار بصندوق منفصل فدول في مجموعة الاتحاد الأوروبي البالغ عددهم ٢٧ دولة ترفض ذلك بجانب مجموعة دول المظلة المكونة من عشر دول هي الأهم مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا واليابان وإسرائيل والنرويج وأوكرانيا، بينما تصر عليه مجموعة الدول الإفريقية ومجموعة الدول النامية متشابهة التفكير البالغ عددهم ٢٥ دولة..
وكذلك موضوع آليات سوق الكربون طبقا للمادة ٦ فى اتفاقية باريس التي تم إقرارها في مؤتمر جلاسجو العام الماضي، فيوجد دول متحمسة له مثل الصين ودول أخري ليس لديها التكنولوجيا لتطبيقه لا تراه عمليا ودول أخري تتخوف منه بحجة أنه قد يشجع الدول علي عدم الالتزام بخفض الانبعاثات والالتزام بخفضها إلي درجة صفر في ٢٠٥٠، ويعد سوق الكربون نظام تجاري يمكن من خلاله للبلدان شراء أو بيع وحدات من انبعاثات الاحتباس الحراري في محاولة للالتزام بالحدود الوطنية المسموح بها للانبعاثات..
وذلك بموجب بروتوكول كيوتو أو اتفاقيات أخرى، مثل الاتفاقيات الموقّعة في ما بين دول الاتحاد الأوروبي. ويُعزى إعتماد هذا المصطلح لحقيقة أن ثاني أكسيد الكربون هو غاز الاحتباس الحراري السائد، ويتمّ قياس انبعاثات الغازات الأخرى بوحدات تسمى مكافئات ثاني أكسيد الكربون، بحيث أن الدول التي لديها انبعاثات كربونية أعلي من المحدد لها يمكن أن تشتري حصة دول أخري ليس لديها انبعاثات في مقابل مشروعات صديقة للبيئة أو تخفيض ديون أو دفع أموال للدولة قليلة الانبعاثات، ولكن الأمر يحتاج لنظام قياس تلك الانبعاثات وهو أمر يحتاج تكنولوجيا وترتيبات ليست سهلة ولم تنجح فيها إلا دول قليلة حتي الآن معظمها دول متقدمة، فمثلا المنطقة العربية كلها لم تطبق هذا النظام حتي الآن سوي الأردن.
وبالتالي فإن مواقف الدول متباينة وهناك محاولات مصرية ومن جانب الأمم المتحدة للوصول إلي حلول وسط للخروج بوثيقة محددة توضح ما تم الاتفاق عليه من مخرجات، وهناك مناورات عديدة تتم من جانب بعض الدول الالتفاف علي الالتزامات، فمثلا الولايات المتحدة تكتفي بمنح ملايين قليلة للدول المتضررة تحت بند المساعدات، أما الصين ثاني أكبر دولة لديها انبعاثات كربونية فتدفع أقل أيضا تحت بند المساعدات وتكتفي بنوك دولية بمنح قروض عالية الفائدة للدول الإفريقية لمواجهة آثار التغير المناخي التي لم تتسبب فيه الدول الإفريقية علي مدي التاريخ..
وأيضا من ضمن المناورات التي تمت ما قامت به الهند فى المفاوضات بالمطالبة بخفض استخدام ليس فقط الفحم ولكن كل الوقود الاحفوري ويشمل البترول والغاز الطبيعي فى محاولة لوضع العصا في العجلة وإيقاف الضغط علي استخدام الفحم.
ولهذا فإن فريق التفاوض المصري يقوم من قبل بداية المؤتمر بجهود جبارة لخروج المؤتمر بنتائج جيدة بعد أن نجح في وضع بند الخسائر والأضرار علي أجندة المؤتمر الرسمية إلا أن مسألة حسم كيفية التمويل لهذا البند ستؤجل إلي مؤتمر الإمارات cop 28 أو ربما إلي العام الذي يليه 2024، لان كل دولة مازالت تغني على ليلاها بينما الكرة الأرضية تنتهي بأسرع مما يتخيل كل تلك الدول التي حولت ملف التغير المناخي إلي ملف سياسي تسعي من خلاله للحصول علي مكاسب سياسية.