ربع كيلو سكر.. سر انتصار مصر
وقف الطفل الذي لم يبلغ من العمر إلا عشر سنوات أمام أشهر بقال في بورسعيد طالبا كيلو سكر.. ماطل البقال في تنفيذ طلب الصغير الذي ألح في طلبه حتى يعود إلى منزله قبل حلول الظلام.. خرج البقال من محل عمله واقترب من الطفل وسأله عن اسم أبيه.. أجاب الطفل في دهشة من أمره وقبل أن يترك الصغير تحت وطأة العلاقة بين طلبه واسم ابيه كان للبقال درس عظيم.
قل لأبيك: كيف تطلب في هذا الظرف كيلو سكر لبيتك وحدك ونحن في حرب؟ نهض البقال ووزن ربع كيلو ووضعه في قرطاس من الورق البنى وقدمه للصبي. عاد الطفل إلى منزل أبيه وقص عليه ما جرى.. لم يسكت الرجل وقرر الذهاب إلى البقال ومعه السكر وعندما وصل إليه قال له: يبدو أن أم العيال هي من فعلت ذلك ولست أنا.
أزمة الوعي
وقدم الرجل قرطاس السكر إلى البقال وهو يقول له: يكفينا ثمن الكيلو حتى لا نصنع أزمة واكتفى الرجل بثمن كيلو جرام من السكر وعاد إلى بيته راضيا.
هذه القصة حقيقية ودارت أحداثها عقب العدوان الثلاثى على مصر وهي تفسر كيف هزمت مدن القناة وخصوصا السويس وبورسعيد أعتى ثلاث قوى عالمية وكيف كتب التاريخ من جديد وكيف انهارت قوى استعمارية كبرى وكيف خرجت من معادلة القوى الدولية الجديدة.
هذا الوعي الذي كان لم يكن عبد الناصر هو الذي ابتناه حيث لم يكن قاد مصر إلا أقل من أربع سنوات.. كان الشعب واعيا قبل مجئ الضباط الأحرار وكان الشعب هو السند والمحارب والمقاتل في هذه الحرب.
الوعي الذي تحطمت علي صخرته قوى الاحتلال الكبرى هو نفسه الوعي المطلوب الآن أمام عدوان أكبر وأخطر.. عدوان الفوضى العالمية وتشكل خريطة جديدة سيكون لها أثر كبير على الصغار.
ومصر ليست صغيرة ولم تكن صغيرة في يوم من الأيام.. مصر هي هذا الشعب العظيم الذي ينتقل إلى صفوف المقاتلين أمام كل أزمة.
وأزمة اليوم بحاجة إلى وعي بقال بورسعيد ووعى المواطن الذي رفض أن يهنأ وحده بربع كيلو سكر.. أزمة اليوم ليست بحاجة إلى جندي مدجج بالسلاح.. إنه الوعى الذي تسقط على صموده كل قوى الشر.