خماسية "إخوانية" ماسونية
يشهد التاريخ الحديث للإدارة الأميركية أنها لم تتدخل وتطلب بشكل مباشر الإفراج عن أحد، إلا وكان جاسوسا، ولنا في عزام عزام وإيلان جاربيل وشاليط العبرة والمثل، ومع إلحاح واشنطن لإطلاق سراح "المعزول" مرسي، تجلى غباء إدارتها لأنها أكدت بذلك أنه جاسوسها وعميلها، حيث جندته منذ أن كان مبعوثا للدراسة العليا في إحدى جامعاتها، ودفعته للانضمام إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، التي لا تختلف في مبادئها وأهدافها وطريقة عملها عن "الماسونية" التي تتحكم في الإدارات الأميركية المتعاقبة.
المحافل الماسونية يكتنفها الغموض وعملها "سري للغاية"، عرفت بداية باسم "البناؤون الأحرار"، واقتصرت عضويتها على المهندسين ثم توسعت لضم خريجي الجامعة وما فوقها، حتى وصلت إلى الزعماء وقادة الدول وانتشرت عالميا كالنار في الهشيم، وفى سبيل تحقيق أهداف الماسونية "المعلنة" للسيطرة على العالم وإخضاع حكومات ومؤسسات دول المعمورة لتبعيتها، يجند قادتها من يتوسمون فيه القدرة على تحقيق غايتهم من جميع الأديان والطوائف والأجناس، ولأن الماسونية تسيطر على أميركا بعد أن تلاقت أحلامهما في إحكام القبضة على العالم، فقد اعتبرت أن جماعة "الإخوان" نصفها الآخر للسيطرة على العالم الإسلامي باسم الدين، من هنا ساعدت الإخوان في الوصول إلى الحكم مقابل إخضاع الدول التي يحكمونها للماسونية، فالفكر والهدف واحد وهو التحكم في العالم.
مصر لها أهمية تاريخية وحضارية غير مسبوقة، كما أنها أعظم وأهم وأكبر دول الشرق الأوسط، من هنا تلاقت رغبة المحفل الماسوني وتنظيم الإخوان في إخضاعها أولا، ومع فشل "جاسوس أميركا" الإخواني مرسي في الحكم، وانحياز الجيش العظيم لإرادة الشعب و"عزله"، انبرت الإدارة الأميركية للإفراج عنه تمهيدا لتنفيذ خطة ماسونية جديدة تعيده إلى الحكم، كي لا يصبح حلم امتلاك مصر وشعبها وحضارتها هباءً منثورا.
وفي المقابل، تدارس قادة التنظيم الدولي لجماعة "الإخوان" السقوط المريع لحكم دام عاما واحدا، وناقشوا سبل التعامل معه بدءً من الإصرار والصمود مروراً بإعاقة استقرار مصر وتوتير الأجواء بالفوضى والترويع وصولا إلى عسكرة الصراع.
وتمسك قادة التنظيم الدولي بمخرج مشرف لمرسي مهما كان الثمن، مع استمرار تجييش الشارع ونشر الفوضى لمنع ملاحقة قيادات الجماعة المتورطين في التخابر مع أميركا وحماس وغيرهما.
أقر اجتماع الماسونية الإخوانية ثوابت التعامل مع الوضع الجديد، أهمها: السعي الحثيث لإحداث "صدع" في صفوف الجيش، إرباك الشارع بالتحركات عبر تجييش المؤيدين لنشر الفوضى وترويع الشعب، الاعتماد على حراك اللوبي "الإخواني" في الدول العربية والأجنبية لانتزاع تأييد غربي يعيد الجماعة إلى صدارة المشهد السياسي، حث حركة "حماس" على تحريك عناصرها والجماعات الجهادية في سيناء تمهيدا لإعلانها إمارة إسلامية، وأخيرا اللجوء إلى عسكرة الصراع على غرار ما يحدث في سورية.
ويعتمد التنظيم الدولي في نقاشاته على دراسات يضعها ذراع التخطيط الذي يطلق عليه "المركز الدولي للدراسات والتدريب"، وهو الذي لخص أسباب فشل حكم "الإخوان" في مصر بتصاعد الخلافات مع التيارات الإسلامية وفي مقدمها التيار السلفي، فضلاً عن الهجوم الإعلامي الدائم على الجماعة والأزمات الاجتماعية المفتعلة، وعدم تنفيذ مشروعات ذات مردود سريع على حياة المواطنين أدت إلى تفاقم الوضع ثم استغلال الجيش مطالب المعارضة للعودة إلى السلطة من جديد.
واعتبرت الدراسة أن ما حدث في مصر سيعزز موقف التيارات المعارضة لـ"الإخوان" في الدول الأخرى، وسينعكس سلباً على فروع الجماعة في كل دول العالم، ما يهدد مستقبل التنظيم الدولي ويضعه على المحك.
ويبقى أنه على الشعب بجميع طوائفه أن يلتحم مع الجيش والشرطة ويقاوم مخططات المحافل الإخوانية والماسونية، لأنهم إذا نجحوا وحققوا الهدف "المعلن" بالسيطرة على الشعوب، ستبدأ مرحلة الأهداف "السرية" وهي خطط "شيطانية" يشيب منها الولدان.