حفل افتتاح قناة السويس كان مدخلا.. هذا مافعله الخديو إسماعيل من أجل عيون أوجيني
أفاض الخديو إسماعيل وبالغ فى الإعداد لحفل افتتاح قناة السويس بعد تشييدها، ونظرا لإعجابه بالإمبراطورة أوجينى زوجة إمبراطور فرنسا، قام الخديو إسماعيل بتشييد سرايا الجزيرة بالزمالك على غرار قصر الهمبرا بغرناطة ليكون مقرا لإقامة الإمبراطورة أوجينى وحاشيتها خلال حفل افتتاح قناة السويس ـ مقام مكان القصر الآن فندق ماريوت بالزمالك ـ وقد تكلفت السرايا مايقرب من 750 ألف جنيه، قام بتصميمه مهندس البلاط الخديو يوليوس فرانس، وانتهى منه عام 1968.
كما أمر الخديو إسماعيل بإنشاء حديقة الجبلاية لتتمتع بها الأمبراطورة أثناء زيارتها لمصر، كما شيد الخديو دار الأوبرا واستغرق بناؤها خمسة أشهر بتكلفة 160 ألف جنيه، استحضر الخديو إسماعيل من أجل الحفل 500 طاه وخادم من فرنسا وإيطاليا حتى يظهر مدى النهضة التي أحدثها في بلاده.
الدعوة عامة
وكان الخديو إسماعيل قد سافر إلى أوروبا بنفسه وقام بتقديم الدعوة لأكثر من 6000 شخص من أباطرة أوروبا وملوكها وعظمائها ورؤساء الحكومات ورجال السياسة والعلم والأدب والفن لحضور حفل افتتاح قناة السويس، واستمر الإعداد للحفل أربعين يوما، ووصلت الإمبراطورة أوجيني إلى مصر قبل الحفل بأربعين يوما أيضا زارت خلالها معظم المدن المصرية الأثرية.
مظلة ديليسبس
وقد أقام الخديو إسماعيل على مدخل قناة السويس سقالات أنيقة وفوقها مظلة سميت بمظلة ديليسبس، وفى البحر اصطفت 30 سفينة حربية ومثلها تجارية على هيئة قوس حول بورسعيد إلى جانب أكثر من 60 سفينة أجنبية تمثل البلدان المختلفة يتوسطهم يخت الخديو " المحروسة"، كما أقيمت ثلاث منصات خشبية كبيرة على شاطئ البحر مكسوة بالحرير ومفروشة بأفخم السجاد ومزينة بالأعلام صفت فيها الكراسى وزينت بالورود.
وجاء يوم 16 نوفمبر 1869 يوما عظيما شهد حفلا أسطوريا، حضر الافتتاح 100 ألف من الأجانب والمصريين وتكلف الحفل مليونا و400 ألف.
خصصت المنصة الوسطى للضيوف الأجانب ووقف الخديو إسماعيل على رأسها افتتح الحفل بفاعليات دينية، وكانت المنصة اليمنى لرجال الدين وعلماء المسلمين على رأسهم شيخ الأزهر الشيخ السقا والشيخ العمروسى والمهدى العباسى مفتى الديار المصرية، كما خصصت المنصة اليسرى لرجال الدين المسيحى وعلى رأسهم المنسيور كورسيا اسقف الإسكندرية.
كلمة الأزهر والكنيسة
وفى المساء أعلن الخديو بدء افتتاح القناة وألقى شيخ الأزهر كلمة وجيزة وكذلك رجال الدين المسيحى الذين انشدوا نشيد الشكر وكان البابا المسيحى هو الوحيد الذى أطلق كلمة شهداء على الذين ماتوا أثناء حفر القناة ورددت النشيد معهم الأمبراطورة أوجيني مدت الموائد متتابعة للمدعوين بأشهى الأطعمة.
من المعروف انه قام على حفر قناة السويس أكثر من مليون عامل مصري استجلبوا بالسخرة للمساهمة في حفر القناة، رحل منهم 125 ألفا.
وفى صباح يوم 17 نوفمبر كانت السفن تمر في قناة السويس حيث تحرك الركب من بورسعيد لدخول القناة في خمس قوافل تقدمتها الإمبراطورة اوجينى التي وصفت المشهد بأنه أجمل ما رأت في حياتها.
وبجوار يخت اوجينى كان يخت ديليسبس ووراءها باقى اليخوت والأساطيل وبواخر نقل باقى المدعوين والنساء المصريات على الشواطئ يزغردن حتى وصل الركب الى الإسماعيلية واستقبلهم الخديو في قصره الذى بناه لهذه المناسبة، وفى اليوم التالى 18 نوفمبر أقيمت سهرة راقصة في المساء ووليمة عشاء تحوى كرما منقطع النظير، وفى يوم 19 نوفمبر تقدم يخت الامبراطورة اوجينى تليه اليخوت الأخرى الى السويس وقد امضوا ليلتهم على سطح البحيرات المرة يشاهدون الألعاب النارية وعندما وصلوا الى البحر الأحمر فدوت المدافع إيذانا بانتهاء المهرجان.
قضت اوجينى يومين بعدها في السويس ثم عادت الى الإسكندرية لتتجول لبعض مدن الوجه البحرى، ثم عادت الى القاهرة لتقيم في سرايا الجزيرة التي انشأها لها الخديو.