من عجائب عصر الخديو إسماعيل.. المحروسة تحتفل 40 يوما بزواج الأنجال الأربعة
تميَّز عصر الخديو إسماعيل بالأبهة والشياكة؛ فهو صاحب فكر تنويري لكنه ارتكب أخطاء فادحةً بسبب البذخ في الحفلات والديون التي كبَّل بها البلاد، وكانت سببًا في الاحتلال البريطاني لمصر.
أنفق إسماعيل مبالغَ باهظة في حفلات افتتاح قناة السويس، واستقبال الملوك والرؤساء، والاقتراض لبناء الكباري والأوبرا والمنتزهات، كما أقام الخديو إسماعيل أضخم وأكبر الأفراح لأبنائه الأربعة في ليلة واحدة.
أفراح الأنجال الأربعة
جعلت أفراح الأنجال الأربعة المحروسة تعيش في أعياد لمدة أربعين يومًا منذ 15 من يناير 1873 حتى 25 من فبراير، حتى إنه سمَّى شارعًا بالقاهرة قريبًا من قصر العيني باسم شارع أفراح الأنجال تخليدًا لهذه المناسَبة.
في جريدة جريدة "الاستريشن" الفرنسية في مثل هذا اليوم 13 فبراير 1873، نشرت تحت عنوان "أعياد القاهرة" لوحة مرسومة بالفحم لحفلة راقصة أقامها الخديو إسماعيل في سراى الجزيرة، بمناسبة أفراح أولاده رسمها الفنان دارجو، أحد المدعوين للاحتفالات، تضم اللوحة القاعة بكل ما تحويه من فخامة؛ حيث تتدلى من السقف ثريات ذهبية والأعمدة الضخمة ذات النقوشات الخديوية البديعة والستائر مشغولة بخيوط الذهب، والخديو إسماعيل جالسا على كرسى مرصع بالمجوهرات، وكلَّما مرَّ أحد عليه انحنى لتحيته، ويرد عليه الخديو بإشارة من رأسه.
البدلة والقفطان
أما الحضور فيرتدى الإفرنج الرجال والسيدات الملابس الأنيقة الإفرنجية، ويرتدي الأعيان وأولاد البلد الجبة والقفطان والطربوش.
ويقول إلياس الأيوبي عن أفراح الأنجال في كتابه "تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل": إن تلك الأفراح خاصة بزواج أربعة أبناء للخديو إسماعيل؛ توفيق وحسين وحسن وفاطمة، وأُقيمت الاحتفالات في ثلاثة قصور، وهى القصر العالي مقر الوالدة باشا أم الخديو، وسراى الجزيرة مقر حفلات إسماعيل المفضَّلة، وقصر سراى القبة مقر ولي العهد الأمير توفيق.
مواكب شوار الأمراء
زُينت الشوارع بالفوانيس والنجف وأقواس النصر المرصعة بالشموع، وقد سبقها خروج الهدايا من الوالدة باشا إلى العرائس من القصر العالى "الشوار"، وكان أول شوار خرج هو شوار الأميرة أمينة هانم، زوجة ولي العهد الأمير توفيق؛ حيث وضع الشوار في أسبتة مكشوفة فوق عربات مكسوة بالقصب على مخدات من القطيفة المزركشة بالذهب والماس يغطيها شاش فاخر، وقد اجتاز المواكب شوارع المحروسة بين سياج من العساكر الحاملين للسلاح.
في اليوم السابع أُقيم مرقص فخم في سراى الجزيرة حضره 5000 من الأجانب وأعيان البلاد، فنورت الطريق من عابدين إلى كوبرى قصر النيل بفوانيس من الورق الملون، وغنى فيه عبده الحامولى، ورقصت الراقصتان صفية وعائشة الطويلة.
الأمراء الأربعة
وفى اليوم الثامن خرجت زوجة ولى العهد أمينة هانم بصحبة الوالدة باشا من سراى الحلمية، وتوجهت باحتفال كبير إلى قصر القبة يتقدمها موكب مهيب من الخيالة والفرسان في زيهم الملون في احتفالات أسطورية أغرب من الخيال، ووراءهم عربات التشريفة وبجانبهم الخدم والأغوات، وتوالت الاحتفالات التي استمرت أربعين يومًا بمعدل كل أمير عشرة أيام، وهم: محمد توفيق على أمينة هانم، حسين كامل على عين الحياة، وحسن باشا على خديجة هانم، وابنة الخديو الأميرة فاطمة على طوسون باشا.