من ينقذ عزة ؟
أغلب الاتصالات التي أتلقاها في الفترة الأخيرة من إثنين.. مريض يبحث عن علاج، وشاب يبحث عن عمل، يسعدني التوفيق في المساعدة، وتؤلمني قلة حيلتي في أحيان كثيرة، وتخجلني مداومتي على طلب المساعدة من أطباء أصدقاء، لكني أعول على وجعهم بمرض الفقير الذي لا يملك ما ينفقه على العلاج، كما أعول على سعة صدر العاملين في منظومة الشكاوى التابعة لمجلس الوزراء وفي مقدمتهم الدكتور طارق الرفاعي مدير المنظومة.
حكايات كثيرة لمرضى آلمتني عندما تعايشت معها، لكن الأكثر إيلامًا كانت حكاية أبو يوسف، هذا الرجل الخمسيني الذي أنهكه الفقر وأنهك المرض شقيقته.
أبو يوسف يعمل خياطًا، وتحديدًا إصلاح ملابس، محله بسيط مثل حاله، يجلس خلف ماكينة متهالكة، وبجواره طفله الوحيد الذي يساعده في (لضم الخيط) سألت أبو يوسف عن أخباره.. فبادرني بحمد الله، ثم سألني إن كنت أرغب في مشاركته في المحل؟ أشتري منه ماكينة الخياطة وأدفع إيجار المحل، على أن يعمل هو بأجر أحدده..
علاج عزة
سألته عن السبب فقال هي فكرة راودتني، وبعد إلحاح مني لمعرفة السبب.. أكد لي أن شقيقته عزة مريضة، وأنفق عليها كل ما يملك، ولم يعد لديه إلا ماكينة الخياطة، بتر الأطباء ساقها اليمنى منذ عام بسبب السكري، واليوم يريدون بتر الساق الثانية، بدأ الرجل بالبكاء، وهممت أنا بالانصراف للبحث عن طبيب يشخص، ومستشفى تعالج.
حكاية أبو يوسف واحدة من حكايات سوف تزيد في الفترة المقبلة، لذلك لابد من تلاحم مجتمعي، الكل ينفق من ماله ووقته، الأطباء يعيدون النظر في تسعيرة الكشف الطبي، ويخصصون يومًا لغير القادرين، وأطباء الجراحة يخصصون يومًا لإجراء جراحات مجانية، ومن لديه بواقي دواء يقدمه إلى جمعيات موثوق فيها، أو صيدليات مشهود لأصحابها بالنزاهة. فلا أتعس من فقير مريض، ولا أسوأ من مستشفى خاصة يتاجر أصحابها بآلام المرضى.
الفترة المقبلة تحتاج جمعيات خيرية تتقي الله، ورجال أعمال يقومون بدورهم المجتمعي، ومسئولون عيونهم على المواطن الفقير، لأن البديل هو الكفر بالوطن والعداء للأثرياء، وهذا البديل هو الطريق المؤدي للإحتقان واليأس، ثم الإنتقام والفوضى.
besheerhassan7@gmail.com