حكاوي زمان: مصطفى أمين يكتب عن التلوث والزحام وحلول تركب السلحفاة!
فى جريدة الأخبار عام 1974 كتب مصطفى أمين مقالا عن الزبالة والتلوث والزحام تحت عنوان “القاهرة تختنق” قال فيه: عدد سكان القاهرة في طريقه إلى عشرة ملايين والحلول التى نضعها لاختناق العاصمة تركب السلحفاة في الوقت الذى تركب فيه زيادة السكان الصاروخ. ولو استمرت الحالة على هذا المنوال فسيجد كل واحد منا نفسه واقفا في مكانه كأننا جميعا محشورون في أتوبيس بحجم مدينة القاهرة، أنت الآن لا تستطيع أن تمشى على الرصيف إذا كنت ماشيا على قدميك ولا تستطيع أن تمشى بسهولة في شوارع القاهرة إن كنت راكبا سيارة.
لا بد أن تتخذ فورا إجراءات سريعة كالتى اتخذتها مدن أخرى صادفت نفس مشاكلنا، فمدينة نيويورك مثلا جعلت الشوارع كلها في اتجاه واحد وأباحت وقوف السيارات في جانب واحد فقط من الشارع. وأخلت روما وعدد من العواصم الكبرى وسط الطريق من السيارات ومن كان يريد أن يشترى شيئا من المحال التجارية فليمش على قدميه ومعنى ذلك إخلاء وسط مدينة القاهرة من السيارات، ومنع مرورها فى شوارع عماد الدين وطلعت حرب وقصر النيل و26 يوليو وميدان العتبة.
نقل الوزارات
من المؤسف انتشار الزبالة بشوارع القاهرة والمصيبة الكبرى أن المسألة لم تعد أناقة مدينة، بل أصبحت حياة الملايين مهددة بأخطر الأمراض والأوبئة. وكثيرا ما يتوقف المرور نصف ساعة لأن سيارة أتوبيس تعطلت، وفي لندن نظام لإسعاف السيارات فيحمل كل جندى مرور جهاز “توكى ووكى” معه فإذا تعطلت سيارة استدعى سيارة الإسعاف فورا فتصلح السيارة بينما تزاح في الحال من الطريق العام.
يجب أن يصدر قرار بنقل وزارة الزراعة ووزارة الرى إلى خارج العاصمة ومعهما جميع المصالح التابعة لهما وأن نبنى لها أبنية من المساكن الجاهزة وبجوارها أبنية لموظفيها ثم يتلو ذلك نقل عدد من الوزارات من القاهرة فلا تبقى فيها إلا وزارات الخدمات.
يجب أن نصدر قانونا لا نوافق فيه على إنشاء أى مصنع جديد إلا إذا تعهد بأن يضم البناء فلترا لتنقية الهواء من الأدخنة والمخلفات الخارجة من المصنع وأن يقيم بجواره بيوتا للعمال والموظفين الذين يعملون فيه ولو كنا أصدرنا مثل هذا القانون من عشرين عاما لما كان حال القاهرة هو حالها اليوم مدينة ملوثة يخنقها دخان المصانع ووسائل النقل وانبعاثات روائح كريهة من الزبالة.
وفى الوقت نفسه يجب أن نقسط ثمن وسائل النقل الخفيف مثل الفيسبا والموتوسيكل والبسكلتة حتى نخفف العبء على وسائل المواصلات التى كادت تتوقف وفي نفس الوقت نقلل من انتشار عادم الاتوبيسات والعربات. إن الأزمة حادة ولا ينفع معها العلاج الوقتى.. إننا نداوى المرض الخطير بالتسكين بالإسبرين والعواقب قادمة.