بريطانيا والمؤامرة.. قصة الأصيل والوكيل!
لم تكن المساحة بين البطل أحمد عرابي وأكبر صيحة وطنية بعده عند مصطفى كامل خالية من الأبطال.. بل لم تتوقف حركة نضال شعبنا لحظة واحدة.. إنما عند مصطفى كامل تحديدا كانت دعوات التحرر قد اشتعلت في المنطقة -منطقتنا العربية- كلها.. وأصبح تقريبا في كل بلد منها زعماء يطالبون بالحرية..
هناك.. في بريطانيا.. كانت الدعوة من كامبل بنرمان رئيس حزب الأحرار، وكان رئيسا للوزراء وقتها للدول العربية للاجتماع في لندن، لبحث الوسائل التي يمكن بها للاستعمار الغربي أن يبقي أطول فترة ممكنة وإذا رحل فليبحثوا شكل الرحيل!
وهناك أيضا في لندن عام ١٩٠٥ انعقد المؤتمر والذي ظلت فعالياته ممتدة لعامين كاملين! انتهي إلي توصيات خطيرة جدا.. حيث قالت اللجان المشكلة -باختصار شديد- إن العالم ينقسم إلي مناطق متباينة مثل آسيا وأمريكا الجنوبية ولكن هذه الشعوب لا يوجد معها صدام حضاري، ولكن يوجد ذلك مع الشعوب العربية التي تعيش من البحرين إلي المغرب.. تتحدث لغة واحدة ولديها تاريخ مشترك وتسيطر علي موقع جغرافي مهم وتمتلك ثروات هائلة..
وعلينا (كما يقول التقرير) اتباع خطوات محددة أهمها لا يسمح بتوحيد البلاد العربية أبدا.. وزرع الخلافات الدائمة ومشاكل الحدود فيما بينها ومنعها من الحصول علي التكنولوجيا، وإن استطعنا زرع كيان يفصل المشرق العربي عن مغربه يكون عملا جيدا!
ثم سار المخطط كما يقول الكتاب.. بعد سنوات صدر وعد بلفور وبعده عام ١٩٢٤ تأسس الجناح الإعلامي للمخطط البي بي سي.. وبعدها بأربع سنوات تأسست جماعة الإخوان.. وبعدها إعلان قيام إسرائيل وبعدها حرب ١٩٥٦ وبعدها إفشال الوحدة مع سوريا والباقي نعرفه!
تتزعم بريطانيا العالم الاستعماري القديم.. وفكرة الاستعمار ذاتها..التي لم تتراجع مترا واحدا.. وبقيت الأجهزة الأمنية السرية حارسة لها وليست الحكومات.. لم تكن الحرب في اليمن إلا ضد بريطانيا في الأصل.. التي رحلت من هناك ثم من الجزيرة العربية كلها.. لتكون الصفعة الثانية بعد حرب ١٩٥٦.. وهو ما لن أنساه أبدا!!
كانت السطور السابقة عن الأصيل.. يتبقي الحديث عن الوكيل!