رئيس التحرير
عصام كامل

من مذكرات المشير الجمسي

ويؤكد المشير الجمسي في مذكراته أن معركة الدفرسوار أو الثغرة حدثت لأن كيسنجر أبلغ القادة الإسرائيليين بضرورة فعل شيء على الأرض قبل قرار وقف القتال، ليكون وسيلة ضغط سياسية على مصر، ويرى المشير الجمسي أن الدفرسوار معركة من مئات المعارك أثناء الحرب ولا تؤثر في الانتصار.

يقول المشير الجمسي: في أحد اللقاءات مع الجانب العسكري الاسرائيلي، رفضت الكثير من مقترحاتهم في توزيع القوات المصرية فى سيناء، على سبيل المثال ألا يكون هناك قوات مصرية بعد خط المضايق أى حوالى 55 كيلو متر وتصبح سيناء بعد ذلك منزوعة السلاح، وقلت: أترك سيناء بهذا الشكل فكيف أدافع عن بلدى؟! هنا رد الوفد الاسرائيلي بأن الرئيس السادات وافق على هذا المقترح في إسرائيل!

 

هنا يبرز أن موقف الرئيس السادات يضعف موقف المفاوض المصرى، بل ويهمشه ويجعله في موقف مهين، وهو ما شعر به المشير الجمسي ولكن الالتزام العسكرى جعله يلتزم التنفيذ، وتكرر الخلاف عندما قرر الرئيس السادات السفر إلى أمريكا لمباحثات كامب ديفيد، حيث رفض اصطحاب  المشير الجمسي وزير الحربية، فاقترح المشير الجمسي ضرورة سفر رجل عسكرى ضمن وفد الرئاسة، وإقترح أن يصطحب اللواء طه المجدوب ولكنه رفض أيضا سفر المجدوب، وتمت اتفاقية كامب ديفيد بدون وزير الحربية أو أى رجل عسكرى مصرى، بعكس الوفد الاسرائيلى الذى كان يضم بعثة عسكرية كاملة.

الاختلاف مع السادات

 

وهنا يصمت المشير الجمسى ويقول اختلفت وحدث تصادم مع الرئيس السادات إلا أنه هو القائد وكلمته الأخيرة! ويقول المشير محمد عبد الغنى الجمسي: لم أستشعر مطلقا رغبة الرئيس السادات في عقد اتفاق مع اسرائيل، ولكن السيد حافظ إسماعيل مستشار الرئيس السادات هو من استشعر هذا بعد أن توطدت العلاقة بين السادات ووزير الخارجية الأمريكية هنرى كسينجر.

 

أثناء الانتفاضة الشعبية في 18 و19 يناير 1977، بسبب إلغاء الدعم عن الكثير من السلع الأساسية، فشلت وزارة الداخلية في السيطرة على الشارع، اتصل رئيس الوزراء اللواء ممدوح سالم وطلب من وزير الحربية المشير الجمسي نزول الجيش للشارع والسيطرة على المظاهرات، لكنه قال:  لا أستطيع لأن الأمر يصدر من الرئيس! وعندما تلقى المشير الجمسي أمر الرئيس السادات نزلت القوات إلى الشارع، مؤكدا أنه أصدر تعليمات بعدم استخدام القوة أو الاحتكاك مع الشعب! وقد حدث أن الجماهير كعادتها متجاوبة تماما مع قوات الجيش في الشارع، وقد نفى المشير الجمسي تماما أن تكون المظاهرات التي عرفت بـ انتفاضة الخبز مؤامرة خارجية ضد نظام السادات، مؤكدًا أنها انتفاضة شعبية وليست ثورة حرامية كما قال عنها السادات.

 

يقول لى المشير الجمسي:  في الثالث أو الرابع  من أكتوبر 1978 تم استدعائي من الرئاسة لمقابلة الرئيس السادات، ذهبت على الفور وجلست أمام السادات فأخذ يتحدث عن المرحلة الجديدة بعد اتفاقية السلام، وهذه المرحلة تحتاج فكرا ورجالا جدد، ولهذا تم إبعاد المهندس سيد مرعى من منصبه -صهر السادات ورئيس مجلس الشعب- وسيتم تغيير اسم وزارة الحربية إلى وزارة الدفاع، وقرر تعيين كمال حسن على وزيرا للدفاع!

 

ما لم يفصح عنه المشير الجمسي، أنه ذهب واعتقد أنه سيرأس الوزارة، وبالتالى كانت الصدمة عنيفة، فكل الأمور تسير بشكل طبيعى وليس هناك ما يستدعى أن يتم تغيير في وزارة الحربية، ولكن كما قال المشير الجمسى: أنه القائد ومن حقه إصدار القرار ما يراه مناسبا!

 

الشىء الذى أحدث زلزالا داخل المشير الجمسي، أن يصدر هذا قبل احتفالات انتصار السادس من أكتوبر العظيم بيوم واحدا، فقد تم إعداد عرض عسكري رفيع المستوى أشرف عليه الجمسي بنفسه، فعاد إلى مكتبه وجمع أوراقه الخاصة، فإذا بتليفون يخبره أن الرئيس السادات يدعوه إلى حضور العرض العسكري، وسيتم إرسال سيارة خاصة لذلك، فرفض المشير الجمسي، لا أريد التعليق هنا، لآن قرار الرئيس السادات لو كان ضروريا وهو ليس كذلك، كان يمكن تأجيله عدة أيام، قرار اعتبره الأخير لم يراع الجانب النفسي باعتباره مهندسا لعمليات الحرب، ولكن ما حدث أمر تسبب فى بأزمة قلبية للجمسي بسبب الفراغ القاتل، إذ كان يمنّي النفس بأن تتم الاستفادة من تاريخه كما تفعل بعض الدول  المتقدمة التى تقدر أولادها الذين قدموا عطاء كبيرا ومهما.

 

 

المشير عبد الغني الجمسي في مقدمة كتابه يشير إلى أنه يوم حرب أكتوبر، التى يصفها بالحرب الرابعة بين العرب وإسرائيل، كان يرتدى لبس الميدان، ويقف في مركز عمليات القوات المسلحة، وبعد خمس سنوات يوم 6 أكتوبر 1978، انتهت خدمته بالقوات المسلحة كقائد عام لها، وانتهى عمله العام بالدولة كنائب رئيس مجلس الوزراء، ووزير الحربية، والإنتاج الحربي!

الجريدة الرسمية