الاستزراع المائي ينقذ الأسماك من زيادة الأسعار.. والتغيرات المناخية تهدد بعض الأنواع في المياه العذبة
تلعب الثروة السمكية دورا كبيرا في توفير الغذاء لكثير من دول العالم النامية الساحلية حيث توفر الغذاء بشكل رئيسي لحوالي 3 مليارات شخص، إلا أنه ونتيجة للعديد من المشكلات والتي من أهمها الصيد الجائر والتلوث اتجه العالم إلى تغطية هذه الاحتياجات المتزايدة من خلال الاستزراع المائي للعديد من الكائنات البحرية مثل الأسماك والقشريات والرخويات وأيضا الطحالب المائية.
وأكد الدكتور محمد فتحي عثمان أستاذ تغذية الأسماك بزراعة عين شمس، وأمين مجلس بحوث الثروة الحيوانية والسمكية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ورئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الأسبق ان هذا النشاط لا يساهم فقط في تغطية الاحتياجات المتزايدة من الأسماك بل أيضا يساعد في تقليل ارتفاع الأسعار، ولهذا فإنه من الأهمية بمكان أن نفهم تأثير التغيرات المناخية والتأثيرات المحتملة على تربية الأحياء المائية للتخفيف والتكيف والمساعدة خاصة للعديد من الممارسين الذين يمارسون هذا النشاط ولو على نطاق بسيط وما زالوا يمثلون معظم الإنتاج في هذا القطاع.
تاريخ الاستزراع السمكي
واشار فتحي الى ان نشاط الاستزراع المائي له تاريخ طويل بدأ منذ أيام الفراعنة وفي الصين القديمة إلا أنه يعتبر صناعة حديثة، فوفقا لتقارير منظمة الأغذية والزراعة كان هذا النشاط في عام 1952 يمثل فقط 3% من إجمالي المنتجات المائية، بينما يشكل الآن ما يزيد عن 50%، وتتوقع منظمة الأغذية والزراعة FAO أن الاستزراع المائي سيمثل في عام 2030 ما يزيد عن 63% من جملة الإنتاج المائي على مستوى العالم.
واضاف انه مع بداية حدوث التغيرات المناخية والتوقعات المستقبلية لها على كافة الأنشطة المتعلقة بتوفير الغذاء، كان من الضروري دراسة انعكاسات هذه التغيرات والتي أصبحت مؤكده على كافة نواحي الحياة وإنتاج الغذاء خاصة في البيئة المائية.
تأثير التغيرات المناخية
وقال الدكتور محمد فتحي، أمين مجلس بحوث الثروة الحيوانية والسمكية بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ورئيس الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية الأسبق، إن الأسماك حساسة لأي تغيرات بيئية، حيث تتحرك بعض الأنواع شمالا ويصل البعض الآخر من الجنوب مع ارتفاع درجات الحرارة، فبعضها يتكاثر والبعض الآخر ينجح بالكاد في البقاء على قيد الحياة، كما لاحظ الصيادون في مناطق الشمال من الكرة الأرضية ظهور أسماك مثل السلطان إبراهيم (البربوني) والتي لم تكن موجودة من قبل في هذه المناطق، ودراسة تأثير هذه التغيرات على بيولوجيا الأسماك والكائنات البحرية والتغيرات البيئية مثل درجة الحرارة والحموضة والملوحة وانتشار الأمراض فضلا عن تقييم سبل العيش والمرونة والاستدامة.
وأشار فتحي إلى علاقة الأسماك بالبيئة التي تعيش فيها بل وتؤثر بشكل رئيسي في دورة حياتها وكل عملياتها الحيوية، فتقسم الأسماك بل وتتوزع تبعا لنوعية المياه التي تعيش فيها، أسماك مياه عذبة أو أسماك مياه مالحة أو أسماك مياه باردة أو أسماك مياه دافئة، وعلى هذا فإن التغيرات المناخية سوف ينعكس أثرها على موسمية العمليات الحيوية من خلال التغيرات في سلاسل الغذاء الطبيعي في البيئة المائية، مما يعود بنتائج لا يمكن التكهن بها على صعيد تذبذب إنتاج الأسماك.
ولفت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يمكن أن يؤدي إلى تغير في طبيعة وتكوين السلاسل الغذائية الأولية في البيئة المائية الأمر الذي سيؤدي إلى تغيير في طبيعة العادات الغذائية للأسماك والكائنات المائية، كما أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي أيضا إلى مزيد من البحر خاصة من البحيرات والمناطق الساحلية وبالتالي ارتفاع نسبة الملوحة وزيادة تركيز نواتج الصرف الزراعي والصناعي خاصة في البحيرات الشمالية، الأمر الذي سوف يؤدي حتما إلى زيادة تركيز التلوث بشكل عام على السواحل والبحيرات.
كما أن تغير ملوحة المياه وزيادة نسبة ثاني أوكسيد الكربون والذي سوف يذوب في المياه ويجعلها حامضية وبالتبعية سوف يؤثر على نوعية وجودة المياه الأمر الذي يؤدي إلى تغيرات كبيرة في دورة حياة وتوزيعات الأسماك والكائنات البحرية.
وتابع أن ارتفاع مستوى مياه البحار سوف يؤدي إلى غمر مساحات جديدة بالمياه البحرية خاصة في المناطق الساحلية مما يؤثر سلبا على تواجد وتكاثر وانتشار أسماك المياه العذبة مثل البلطي والمبروك والقراميط وهي الأسماك الشعبية والمنتشرة حول البحيرات والتي تشكل أكثر من 80% من إجمالي إنتاج مصر من الأسماك.
ومن المتوقع أيضا حدوث تغيرات في مسارات الهجرات لبعض أنواع الأسماك البحرية خاصة أسماك العائلة البورية والتي تهاجر بين البحيرات والبحر مما يؤثر سلبا على هجرة وتواجد زريعة هذه الأنواع وهي التي تشكل مايقرب من 14.8% من الإنتاج القومي من الأسماك، وتأثير ذلك على المخزون السمكي في البحيرات الشمالية.