زي النهاردة.. صلاح الدين الأيوبي وريتشارد قلب الأسد يوقعان معاهدة صلح تاريخية
في مثل هذا اليوم من عام 1192 عقد ريتشارد قلب الأسد، معاهدة صلح مع صلاح الدين الأيوبي ليحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من صور إلى يافا ويسمح صلاح الدين الأيوبي للحجاج والتجار بزيارة القدس.
عن ريتشارد
عُرف بلقب ريتشارد قلب الأسد حتى قبل تتويجه بفضل سمعته كقائد عسكري ومحارب عظيم، وسمّاه المؤرخون المسلمون ملك الانكتار.
في عمر السادسة عشرة، قاد ريتشارد جيشه، وأخضع التمردات على عرش أبيه هنري الثاني ملك إنجلترا في بواتو، كما كان ريتشارد القائد الرئيسي خلال الحملة الصليبية الثالثة، بعد أن رحل فيليب الثاني ملك فرنسا، وحقق بعض الانتصارات على منافسه القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، بالرغم من عدم استطاعته الاستيلاء على القدس.
كان أتباعه يعتبرونه بطلًا تقيًا، كما أنه من الملوك القلائل في إنجلترا، الذي غلب لقب شهرته (ريتشارد قلب الأسد على لقب ترتيبه ريتشارد الأول، كما يعتبر من أيقونات إنجلترا وفرنسا.
المصالحة بين ريتشارد وصلاح الدين
في سبتمبر سنة 1191م، اشتبكت جيوش صلاح الدين مع جيوش الصليبيين بقيادة ريتشارد قلب الأسد في معركة أرسوف التي انهزم فيها صلاح الدين، إلا أن الصليبيين لم يتمكنوا من التوغل في الداخل وبقوا على الساحل، وبقيت الحرب سجال بين الفريقين، وفشلت كل محاولات الفرنجة لغزو القدس.
لجأ الفريقان بعد ذلك إلى الصلح، وعقدت هدنة في 20 شعبان سنة 588 هـ، الموافق فيه 1 سبتمبر سنة 1192م، لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر تبدأ من ذاك التاريخ، بعد أن أجهدت الحرب الفريقين، التي بموجبها تنحصر مملكة بيت المقدس الصليبية في شريط ساحلي ما بين يافا وصور، وتظل القدس في أيدي المسلمين مع السماح للمسيحيين بالحج إليها.
كانت علاقة صلاح الدين مع ريتشارد يسودها الاحترام المتبادل والشهامة بعيدًا عن التنافس العسكري، فعندما أصيب ريتشارد بالحمى، عرض صلاح الدين الأيوبي عليه خدمات طبيبه الشخصي، وأرسل إليه فاكهة مثلجة.
وعندما فقد ريتشارد جواده أرسل إليه صلاح الدين الأيوبي اثنين غيره، كما عرض ريتشارد على صلاح الدين فلسطين موحدة للمسيحيين الأوروبيون والمسلمين عن طريق تزويج أخت ريتشارد الأول بأخو صلاح الدين وأن تكون القدس هدية زفافهما، على أن يكون ما فتحه المسلمون تحت حكم العادل وما بيد الفرنجة تحت حكم أخت ريتشارد، لكن الأمر لم يتم، إلا أن الرجلين لم يلتقيا أبدًا وجهًا لوجه وكان التواصل بينهما بالكتابة أو بالرسل.
هذه العلاقة جعلت صلاح الدين يدون في التاريخ الأوروبي باعتباره نموذجًا للفارس الشهم الذي تتجسد فيه أخلاق الفروسية بالمفهوم الأوروبي، وتوجد ملحمة شعبية شعرية من القرن الرابع عشر تصف أعماله البطولية.
كما امتدح ريتشارد نفسه صلاح الدين وقال عنه أنه أمير عظيم وأعظم وأقوى قائد في العالم الإسلامي؛ ورد صلاح الدين بمدح ريتشاد وأكد أنه قائد مسيحي من أشرف القادة، وبعد معاهدة الرملة، تبادل صلاح الدين وريتشارد الهدايا كرمز للاحترام المتبادل.