في ذكرى رحيله.. طه حسين أول صاحب رسالة دكتوراه في الجامعات المصرية
في مثل هذا اليوم 28 أكتوبر 1973 رحل عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين بعد دقائق من إعلان فوزه بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من خلال برقية وصلته تخبره بالحضور إلى نيويورك في العاشر من ديسمبر لتسلم الجائزة لكن الأجل كان سباقا.
ولد الدكتور طه حسين عام 1889 في قرية الكيلو مركز مغاغة بالمنيا، وكان سابع ثلاثة عشر من أبناء أبيه والخامس من اشقائه، كف بصره اثناء مرض أصابه عام 1895 فألحقه والده بكتاب محمد جاد الرب وأتم حفظ القرآن وهو في التاسعة من عمره، أرسله والده طالبا للعلم في الأزهر الشريف حيث كان يتمنى أن يراه صاحب عمود في الأزهر.
التجديد فى الفكر
سكن طه حسين في كفر الطماعين بجوار الأزهر، واستمر طالبا فيه وفى نفس الوقت يكتب في الجريدة التي كان يرأس تحريرها أحمد لطفى السيد، وعند إنشاء الجامعة المصرية القديمة عام 1908 كان طه حسين من أوائل من التحقوا بها ودرس الفرنسية في نفس الوقت، وحصل على الدكتوراة حول تجديد ذكرى أبى العلاء المعرى كأول دكتوراه تمنحها جامعة مصرية وقامت فلسفته العلمية على التجديد في الفكر.
منحة إلى فرنسا
تألفت لجنة التحكيم من الشيخ محمد الخضري رئيسا والشيخ محمد المهدى ومحمود أمين فهمى المدرسين بالجامعة واثنين من ممثلى وزارة الأوقاف، ونجح بدرجة جيد جدا ثم رشحته الجامعة في بعثة إلى فرنسا للدراسة على نفقة الجامعة المصرية ليدرس الآداب في جامعة مونبيلييه، وخاض معركة المقارنة بين التدريس في الأزهر والجامعات الغربية فقرروا حرمانه من المنحة وتدخل السلطان حسين كامل لإلغاء قرار الحرمان، وإعادة ايفاده الى فرنسا، وبمجرد تخرجه عام 1917 تزوج الفرنسية سوزان بريسو ثم حصل على الدكتوراة عن رسالته.
دراسة تحليلية ونقدية لفلسفة ابن خلدون “تحت إشراف العالم الاجتماعى اميل دور كاهايم”.
عاد طه حسين إلى مصر وعين أستاذا في الجامعة المصرية بتدريس التاريخ اليوناني والرومانى القديم وأستاذا لتاريخ الادب العربى، وفى نفس الوقت أصدر كتابه في الشعر الجاهلى الذى أثار ضجة كبيرة كان نتيجتها اتهامه بالإلحاد.
مجانية التعليم
في عام 1928 عيد الدكتور طه حسين عميدا لكلية الآداب.. ولكن ليوم واحد حيث أثار تعيينه أزمة سياسية وحسما للأمر نصر طه حسين أن يعين أولا ثم يستقيل ليشرف على تحرير جريدة كوكب الشرق ثم جريدة الوادى، ثم أعيد تعيينه عميدا للآداب، ومراقبا عاما للثقافة في وزارة المعارف، ثم وزيرا للمعارف عام 1950، حيث قرر أثناء مدته مجانية التعليم وأطلق شعاره التعليم ضرورة للناس كالماء والهواء، وحصل على جائزة الدولة عن كتابه " على هامش السيرة".
اختير الدكتور طه حسين عضوا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ومقررا للجنة الترجمة والتبادل الثقافي في المجلس حصل بعدها على جائزة الدولة التقديرية في الآداب في أول دور لهذه الجائزة عام 1958.
تحولت الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية ليكون طه حسين أحد معالم الجامعة الجديدة أستاذا بها، فمارس هوايته في البحث الحر غير المقيد، وأصدر كتابه في الشعر الجاهلى ودخل بسببه في محيط من الصراعات الحزبية دون أن يريد، وكان يومها محسوبا على حزب الأحرار الدستوريين بحكم كتاباته في الجريدة لسان حال الحزب.
أقصى العقوبة
ويومها كان سعد زغلول رئيس مجلس النواب وطبعا كانت الاغلبية وفدية فطالب أعضاء البرلمان برجم طه حسين بحجة مخالفة الدين في الكتاب، ووقف الشيخ الغاياتى متشنجا في البرلمان مطالبا بأقصى العقوبة وهى الرجم.
مظاهرات رفض العميد
خرجت المظاهرات تطوف الشوارع وبيت سعد زغلول تطالب برأس طه حسين فيقف سعد زغلول وسطهم خطيبا فيقول (هبوا أن رجلا مجنونا يهذى في الطريق، فهل يغير العقلاء فيه شيئا، أن الدين متين وليس الذي شكك فيه زعيما ولا إماما حتى نخشى من شكله على العامة، وماذا علينا إذا لم يفهم البقر)، ويتقدم طه للتحقيق أمام النيابة عام 1926، وبعد "س وج" حفظت النيابة التحقيق.
ويوم الرحيل خرجت جنازة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الرسمية والشعبية التي حضرها ممثلون من أغلب الجامعات الأجنبية فى دول العالم من جامعة القاهرة.