في ذكرى رحيله.. نجيب سرور تمرد على الواقع وأصيب بالجنون وتوفى بمستشفى الأمراض العقلية
ولد الشاعر الأديب نجيب سرور عام 1932، ورحل في مثل هذا اليوم عام 1978 عن عمر 46 عامًا قضاها معارضا ومتبنيا صف الفقراء في المجتمع فقد كان معارضًا للإقطاع والنظام الملكي والاحتلال، بدأ معارضته من خلال قصيدة كتبها عام 1946 معارضا للاحتلال البريطاني.
عاش الشاعر نجيب سرور في بيئة فقيرة في قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية، لكن هذه البيئة القاسية ساعدت في تأسيس شخصيته، رفض الاستغلال والإقطاع ونادى بالحرية والعدالة، وبرغم دراسته للحقوق، إلا أنه قرر أن يتركها في السنة الأخيرة، لينضم للمعهد العالي للفنون المسرحية، درس التمثيل، وتبدأ نهضته المسرحية بمسرحيات "ياسين وبهية" و"يا بهية وخبريني" و"المسرحية النثرية "ألو يا مصر"، ومسرحية "الكلمات المتقاطعة"، وجمع سرور أعماله الشعرية في دواوين ومنها "التراجيديا الإنسانية".
ياسين وبهية
وكتب نجيب سرور مسرحية "ياسين وبهية" عام 1964؛ لتصور مأساة الفلاح المصري وأخرجها كرم مطاوع، وقدم "قولوا لعين الشمس" عن أزمة المثقف المصرى بعد نكسة يونيو، وكتب "يا بهية وخبرينى، الكلمات المتقاطعة، الحكم قبل المداولة، الذباب الأزرق، منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه" التي قدمت على مسرح السامر.
معاناة الطفولة
كان لنشأة نجيب سرور منذ صغره أثر كبير في التمرد على الواقع المحيط به، خاصة أنه نشأ في بيئة إقطاعية تسلطية على كل المستويات بإحدى قرى محافظة الدقهلية، كان فيها البسطاء والفقراء شبه عبيد لدى أصحاب الأملاك فكتب قصيدة “الحذاء” في عام 1956 إثر موقف تعرض له والده أمامه للصفع من عمدة القرية صاحب الجاه والجبروت، الذي كان جشعا وقاسي القلب على فلاحى القرية.
عمل ممثلا ومخرجا بالمسرح الشعبي وشارك في عروض الفرق النموذجية بالأقاليم، عمل بالرقابة على المصنفات الفنية عام 1958، سافر في بعثة إلى الاتحاد السوفيتي لدراسة الإخراج والتمثيل المسرحى، ولم يستمر طويلا فيها بسبب اعتناقه اليسار وهجومه بالكتابة حتى أصدرت السلطات المصرية قرارا بفصله من البعثة وتم ترحيله إلى القاهرة وكانت هي بداية معاناة نجيب سرور.
سافر نجيب سرور إلى المجر وعمل في قسم الإذاعة العربية في بودابيست، وكان الهدف مهاجمة مصر من هناك، وكانت إسرائيل وراء هذا الطلب، فرفض رفضا قاطعا، وعندما حاول العودة سرق جواز سفره فكتب إلى والده انه لو مات في المجر سيكون بأيد صهيونية ويريد العودة إلى مصر.
العمل مخرجا
ونشر والده الخطاب في المجلات المصرية، وعندما قرأه الرئيس جمال عبد الناصر أرسل إلى سفير مصر بالمجر يطلب عودة نجيب سرور إلى مصر، وتزامن ذلك مع عرض مسرحيته "آه ياليل يا قمر" التي تنبأ فيها بنكسة 67 قبل حدوثها، وعندما عاد نجيب سرور الى القاهرة تم تعيينه مخرجا بمؤسسة فنون المسرح والموسيقى إلى جانب تدريس الإخراج والتمثيل كما نشر عدة قصائد ومقالات في الصحف والمجلات المصرية.
من مسرحياته التي كتبها وعرض بعضها على المسرح: يس وبهية، منين أجيب ناس لمعناة الكلام يتلوه، قولوا لعين الشمس التي تعكس مأساة المثقف بعد النكسة، يابهية وخبرينى، الحكم بعد المداولة، ملك الشحاتين، الكلمات المتقاطعة ومن مؤلفاته "بروتوكولات حكماء ريش"، دراسات نقدية.
منين أجيب ناس
كانت لهزيمة 1967 أثرا سيئا في نفسه فكتب شعرا هاجم فيه المسئولين، وانتقد الانفتاح وكان نصيبه الاعتقال، وخرج منه وقد أصبح يهيم على وجه في الشوارع حافي القدمين يتسول قوته، رث الثياب أشعث الشعر، يتردد على مقاهى زملائه الشعراء والمثقفين، ثم دخل بعد ذلك مستشفى الأمراض العصبية عام 1973 وظل به سنتين وكتب فيه مسرحيته الشهيرة "منين أجيب ناس" ورحل اثناء اقامته بالمستشفى.
وكانت آخر كتاباته عام 1978 وهما ديوانان الطوفان الكبير وفارس آخر زمن ولم ينشرا إلا بعد وفاته بعام واحد.