«الضنا» لم يعد غاليًا.. أهالي يعرضون أبناءهم للبيع.. وخبراء: الفقر المالي والأخلاقي السبب
«آباء ولكن تجار بشر.. فالضنا لم يعد غاليا».. هكذا يكون الحال عندما يتجرد الوالدان من رحمة الله التى أسكنها فى قلوبهم، ويستبيحا التفريط فى فلذات أكبادهم، فيقف الشيطان مكبل الأيدى أمام ذلك الجبروت، إذ يتحول حضن الأهل إلى ظل مخيف ومتوحش.
بيع الأطفال
ومؤخرا تنامت ظاهرة مروعة، إذ يستغل بعض الآباء عديمى الضمير مواقع التواصل الاجتماعى لعرض أبنائهم للبيع أمام المحرومين من هذه النعمة، وقد يستغلها الانتهازيون أبناء الشيطان الذين يتعاملون مع الطفل كترانزيت للاستفادة فى أى رافد كان (استغلال جنسى - بيع أعضاء - تسول)، ولا يهم مصير الأطفال ولا مستقبلهم وأعمارهم التى يمكن أن تبلى وتضيع فى سبيل المال.
واحدة من هذه الجرائم جرت فى منطقة الأميرية غرب محافظة القاهرة، إذ تمكنت الإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بقطاع الشرطة المتخصصة بالتنسيق مع قطاع الأمن العام من رصد تداول منشور على أحد الحسابات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، يعرض فيه صاحب الحساب طفلة للبيع أو التبنى مقابل مبلغ مالى.
وعقب تقنين الإجراءات تم تحديد صاحب الحساب، وتبين أن والد الطفلة المعروضة للبيع مقيم بدائرة قسم شرطة الأميرية، وتم ضبطه حال قيامه بعرض الطفلة للبيع وبصحبته زوجته، مقيمة بدائرة قسم شرطة الزيتون، وتحمل على يدها طفلة حديثة الولادة، مع شهادة ميلاد تؤكد نسبها إليهما.
وبعد القبض عليهما، أدلت ربة المنزل المتهمة باعترافات تفصيلية أمام نيابة الأميرية، وقالت إن زوجها هو من أقنعها بتلك الفكرة الشيطانية نظرا لأنه عاطل وتراكمت عليه الديون، فاقترح بيع طفلته المولودة حديثا وسداد الديون، وأضافت أنها عندما رفضت الفكرة هددها زوجها بالطلاق وطردها هى وصغيرتها، فرضخت لأمره كراهية قائلة: «وافقت على بيع ابنتى، على الأقل تعيش مع أسرة محترمة بدل ما تتشرد معانا فى الشوارع والشتاء على الأبواب».
وفى منطقة قصر النيل بوسط القاهرة ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة القبض على سيدة وزوجها العرفى لقيامهما بعرض طفل حديث الولادة للبيع مقابل مبلغ مالى عبر موقع التواصل الاجتماعى أيضًا.
لأعلى سعر
معلومات وتحريات الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة كانت قد أكدت قيام إحدى السيدات بعرض طفل حديث الولادة للتبنى من خلال صفحتها الإلكترونية عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وبالفحص تم تحديد مرتكبة الواقعة، وتبين أنها مقيمة بمحافظة الجيزة، وعقب تقنين الإجراءات تم استهدافها، وتمكن رجال المباحث من ضبطها بدائرة قسم شرطة قصر النيل، وبصحبتها أحد الأشخاص (مقيم بالجيزة) وبرفقتهما طفل حديث الولادة.
وبمواجهتهما أقرت الأولى بأنه نظرًا لسابقة زواجها «عرفيا» من الثانى، وإنجابها الطفل منه، وعدم رغبته فى نسبه إليه، اختمرت فى ذهنها فكرة عرض الطفل للبيع تحت ستار التبنى من خلال إحدى الصفحات على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، لقيام الأخير بتهديدها بإيصال أمانة فى حالة الإبقاء على الطفل، وبمواجهة الأخير بما جاء بأقوالها أيدها.
العقوبة القانونية
يقول الخبير القانونى المستشار إسماعيل بركة، إن انتشار ظاهره بيع الآباء أطفالهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى من الظواهر الإجرامية، والسبب الرئيسى فيه هو العوز المالى والفقر الأخلاقى والدينى، الذى يجعل الأبوين أو أحدهما يبيع صغيره فى سوق النخاسة.
وأضاف الخبير القانونى أن الآباء يتجهون إلى إنشاء صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعى فيسبوك أو الانضمام إلى مجموعات لعرض الضحية للبيع، متعتقدين أنهم بهذا سيكونون بعيدين عن أعين الأمن ولن يتم ضبطهم، ولكن هيهات، فهذه الطرق والوسائل تجعل الضبط أسهل، وفور حدوث ذلك يتم إحالتهم إلى النيابة العامة التى تامر بإيداع الأطفال الضحايا دور رعاية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى.
وأشار الخبير القانونى إسماعيل بركة إلى أن وزارة الشئون الاجتماعية دورها رعاية الطفل، وتحديد اسم له واستخراج شهادة ميلاد باسم والديه، ثم رعايته وتوفير سبل المعيشة الكريمة له وتعليمه وإدخاله المدارس إلى أن يكبر ويستطيع الاعتماد على نفسه، وأوضح أن الآباء الذين يتم ضبطهم أثناء بيع أطفالهم توجه لهم النيابة العامة تهمة “الاتجار فى البشر”.
وبحسب بركة، يعد مرتكبًا لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأى صورة فى شخص طبيعى، بما فى ذلك البيع، أو العرض للبيع، أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم سواء فى داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية سواء بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف والاحتيال والخداع، أو استغلال السلطة والضعف أو الحاجة.
ويضيف: يدخل ضمن لائحة الاتهام الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول على موافقة شخص للاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه، بحيث يمكن إجباره على أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسى أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول، أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية أو جزء منها.
وأوضح الخبير أن القانون لا يعتد برضاء المجنى عليه على الاستغلال فى أى من صور الاتجار بالبشر، إذ متى استخدمت أية وسيلة من الوسائل المنصوص عليها فى المادة (٢) من هذا القانون يُعاقب كل من ارتكب الجريمة بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائتى ألف جنيه أو بغرامة مساوية لقيمة ما عاد عليه من نفع أيهما أكبر.
كما يعاقب كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر بالسجن المؤبد والغرامة التى لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه إذا كان الجانى قد أسس أو نظم أو أدار جماعة إجرامية منظمة لأغراض الاتجار بالبشر أو تولى قيادة فيها أو كان أحد أعضائها أو منضمًا إليها، أو كانت الجريمة ذات طابع عبر وطنى، أو إذا ارتكب الفعل بطريق التهديد بالقتل أو بالأذى الجسيم أو التعذيب البدنى أو النفسى أو ارتكب الفعل شخص يحمل سلاحا.
ويعاقب بنفس العقوبة إذا كان الجانى زوجا للمجنى عليه أو من أحد أصوله أو فروعه أو ممن له الولاية أو الوصاية عليه أو كان مسئولًا عن ملاحظته أو تربيته أو ممن له سلطة عليه، وإذا كان الجانى موظفًا عاما أو مُكلفًا بخدمة عامة وارتكب جريمته باستغلال الوظيفة أو الخدمة العامة.
وبحسب الخبير القانونى، إذا نتج عن الجريمة وفاة المجنى عليه، أو إصابته بعاهة مستديمة، أو بمرض لا يُرجى الشفاء منه، أو إذا كان المجنى عليه طفلا أو من عديمى الأهلية أو من ذوى الإعاقة، وحال ارتكب الجريمة بواسطة جماعة إجرامية منظمة يُعاقب المسئول عن ذلك بذات العقوبات المقررة عن الجريمة المرتكبة، إذا ثبت علمه بها.
ويكون الشخص الاعتبارى مسئولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات إذا كانت الجريمة قد ارتكبت من أحد العاملين به باسمه ولصالحه، وتأمر المحكمة فى الحكم الصادر بالإدانة بنشر الحكم على نفقة الشخص الاعتبارى فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار، ويجوز للمحكمة أن تقضى بوقف نشاط الشخص الاعتبارى لمدة لا تجاوز سنة، على حد قوله.
نقلًا عن العدد الورقي…،