محمد فوزي.. ثالث المجددين الذي أهانته ثورة يوليو.. وقصه مرضه لغز حير الأطباء
هو المطرب والملحن والممثل والمنتِج الذى قدَّم أروع الألحان وأروع الأغنيات، ثالث المجددين للموسيقى العربية بعد سيد درويش ومحمد عبد الوهاب، وانفرد بالغناء للطفل في وقت لم يهتم أحدًا، فقدَّم أغنيات: "ماما زمانها جاية، ذهب الليل"، كما أدخل بعض الموسيقى الأوروبية على الألحان، والتي حققت نجاحًا كبيرًا خلال هذه الفترة حتى الأيام الحالية..المطرب الفنان محمد فوزى الذى رحل في مثل هذا اليوم عام 1966.
وُلد الفنان محمد فوزى عبد العال الحو الشهير ـ محمد فوزى ـ عام 1918 بمدينة طنطا، وهو شقيق الفنانة هدى سلطان، وورث حلاوة الصوت وحب الغناء عن والده، وساعده الملحن مصطفى العقاد الذى كان يعمل ضابط إيقاع بمعهد الموسيقى الذى التحق به، لكنه ترك المعهد ليغنى في الكازينوهات.
مولد السيد البدوى
تعلم فوزي أصول الطرب وقواعد الغناء على أيدي أحد رجال المطافئ، وغنى لأول مرة في مولد السيد البدوي دون علم والده، ومن الموالد حضر إلى القاهرة عام 1938 ليبدأ الغناء مع رتيبة وإنصاف رشدى، ثم فرقة بديعة مصابنى، وبسبب حبه لإحدى راقصاتها طردته بديعة من الفرقة فانتقل إلى فرقة فاطمة رشدى.
قدم أول أغنية لعيد الميلاد في السينما المصرية في فيلم "نهاية قصة" مع زوجته مديحة يسرى، وهى بعنوان "يا يوم جديد.. في يوم سعيد.. دا عيد ميلادك أحلى عيد" ثم كانت أشهر أغانيه "شحات الغرام" مع المطربة ليلى مراد، إلى جانب مجموعة أغنياته الدينية والوطنية، ومنها: "بلدي أحبيتك يا بلدي"، واعتُمد ملحنًا بالإذاعة بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952.
قدَّم أول أعماله في السينما عام 1944 بدور صغير في فيلم "سيف الجلاد"، قبل أن يسند إليه المخرج محمد كريم دور البطولة في فيلم "أصحاب السعادة" أمام سليمان نجيب ورجاء عبده، لتنطلق رحلته ويؤسس سريعًا شركته السينمائية التي حملت اسم أفلام محمد فوزي عام 1947، وكان فيلم "العقل في إجازة" باكورة أعمالها، حيث اكتشف فيه الفنانة شادية لأول مرة.
محمد فوزى هو أول مَن قدَّم الأفلام الملونة في السينما المصرية في فيلم "الحب في خطر" الذى كتب قصته، وقام ببطولته مع صباح عام 1951 ليسبق فيلم "دليلة" لعبد الحليم حافظ بخمسة أعوام.
آخر فيلم قدمه هو "ليلى بنت الشاطئ" مع ليلى فوزى التي كان قد تزوجها بعد مديحة يسرى ليتزوج بعدها من كريمة الملقبة بـ"فاتنة المعادي"، أما آخر أغانيه التي لحنها بعنوان "صعبان عليه"، وكانت معدَّة لتغنيها أم كلثوم ولكن تُوفي قبل أن يكمل لحنها.
جق الأداء العلنى
كان الفنان الراحل محمد فوزى أول مَن وضع نظام حق الأداء العلنى للقضاء على النظام الأجنبى الذى كان مسيطرًا سوق الغناء حيث لم يكن للمطرب أو الملحن بعد التعاقد أي حق ملكية بمقابل استغلال فنِّه مَهما طبعت الشركة المنتجة من أسطوانات، من خلال مصنعِه للأسطوانات أول مَن وضع نظامًا لحق الأداء العلنى عن الأعمال المنتجة.
مصنع الأسطوانات
أنشأ محمد فوزي أول مصنع للأسطوانات في الشرق أسماه "مصر فون" الذى افتتحه وقتئذ الدكتور عزيز صدقى وزير الصناعة، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الأسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الأسطوانة بتسعين قرشًا، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشًا، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما، ولمنافستها أنشأ محمد عبد الوهاب شركة صوت الفن عام 1960.
إلا أن حكومة الثورة أممت "مصر فون" التي يمتلكها محمد فوزى ضمن قرارات التأميم في الستينيات، بالرغم من أنه كان من أكثر المؤيدين لثورة يوليو وقدَّم التبرعات وكان مشاركًا في قطار الرحمة لجمع التبرعات، وكان هذا المصنع نواة لشركة "صوت القاهرة" للصوتيات والمرئيات، والغريبة أنه لم تشمل قرارات التأميم شركة محمد عبد الوهاب صوت الفن.
وانطلقت الشائعات أن عبد الوهاب وراء مؤامرة تأميم "مصر فون".
اعتبر محمد فوزى مستشارًا فنيًّا بالمصنع بعد أن كان مالكًا كما أممت أملاكه وكان أجره 100 جنيه شهريًّا، وفى يوم ذهب إلى المصنع كما تحكى زوجته السابقة مديحة يسرى فوجئ بمَن يجلس على مكتبه ويقول له استغنينا عن خدماتك يا أستاذ فوزى انصرف بهدوء ليتوجه إلى المنزل ويفاجأ بالآلام الرهيبة التي تعتصره وليظل في مرضه أربع سنوات.
نهاية المشوار
وبعد مشوار حافل قدم خلاله أكثر من ٤٠٠ أغنية، منها ألحان غناها كبار المطربين والمطربات، إلى جانب 26 فيلمًا غنائيًّا، اشتد عليه المرض واحتار الأطباء في تشخيصه وانخفض وزنه إلى 35 كيلو فقط، ولم يجد سفره إلى الخارج للعلاج حتى توفي في مثل هذا اليوم 20 أكتوبر عام ١٩٦٦.
