تبرأ منه والده وعرف أكثر من ألف امرأة.. حكايات لا تصدق عن فنان الشعب يوسف وهبي
قصة كفاح طويلة فيها الانتصارات وفيها الهزائم، هو عملاق المسرح وعميده وأطلق عليه الجمهور والنقاد لقب "فنان الشعب"، وتبرأ والده منه بسبب إصراره على التمثيل وهو الابن السادس لمفتش عموم الري في مصر عبدالله باشا وهبي، ولد الفنان يوسف وهبي بمحافظة الفيوم عام 1898 على بحر يوسف وسمى باسمه ورحل في مثل هذا اليوم 17 أكتوبر 1982.
بدأ مشواره فى صباه بتقديم المونولوجات الغرامية في مجالس العمد ببلدته ثم عمل ممثلا فى فرقة حسن فايق ثم فرقة عزيز عيد المسرحية التي قدم لها مسرحية حنجل بوبو، وكتبت عنه الصحف انه ابن الباشا الذي أصبح مشخصاتى.
أرسله والده إلى إيطاليا للدراسة لكنه اتجه إلى دراسة الإخراج مع محمد كريم ـ الذي عمل بالإخراج فيما بعد ـ حتى تخرج من معهد التمثيل في ميلانو وتتلمذ على يد الممثلين الإيطاليين وأشهرهم كيانتوني.
ويحكي يوسف وهبي في مذكراته التي وضعها بعنوان ( عشت ألف عام ) عن بداياته فيقول:
نقل أبي من الفيوم إلى القاهرة وسكنا بشارع الهدارة بعابدين والتحقت بمدرسة عابدين الابتدائية، وهناك التقيت بزميل الطفولة محمد كريم وكان من هواة مشاهدة السينما وبدأنا نمارس هوايتنا في مشاهدة الأفلام في داري سينما إيديال وأوليمبيا بشارع عبد العزيز وكان سعر التذكرة قرش صاغ واحد.
حصلت على الشهادة الابتدائية والتحق بالسعيدية الثانوية فكان لقائه الأول مع مختار عثمان وعزيز أباظة وفكري أباظة ومحمد صدقي الذي قاد أول طائرة من أوروبا إلى مصر وبدأت نشاطه الفني من خلال السعيدية بإلقاء بعض المونولوجات التي كان يؤلفها ليبدأ بعد ذلك مشواره مع المسرح والسينما بالرغم من دراسته بمعهد زراعي مشتهر.
وبعد وفاة والده باع ميراثه واشترى دار سينما راديو بعماد الدين وشيد عليها مسرحا اسماه مسرح رمسيس عام 1933، وبالاشتراك مع أحمد علام، حسين رياض، روز اليوسف، منسى فهمي، امينة رزق، زينب صدقى، فاطمة رشدى وقدم من خلاله العديد من المسرحيات كان أولها مسرحية "المجنون "وتلتها مسرحيات الذبائح، لوكاندة الانس، غادة الكاميليا، الأنانية والشرف، الدم والستر، راسبوتين، كرسى الاعتراف،
وتولى يوسف وهبى إدارة الفرقة القومية منذ إنشائها ـ المسرح القومى حاليا ـ وهجر المسرح نهائيا في أواخر الستينات بعد أن ترك 392 مسرحية أخرج منها 250 مسرحية وكتب منها 60 رواية.
في السينما اشترك يوسف وهبى فى تمثيل فيلم "زينب "الصامت عام 1929 وهو ثامن فيلم فى تاريخ السينما، كما قدم للسينما أول فيلم ناطق باسم "أولاد الذوات " عام 1932 ليتبعه بسلسلة طويلة من الأفلام سواء كانت من تأليفه أو إخراجه أو تمثيله،واشتهر بجمل كثيرة لازمته "ما الدنيا الا مسرح كبير "،"ياللهول.
من أشهر أعماله السينمائية: البؤساء، إشاعة حب، حبيب الروح، ابن الحداد، بيومي افندي، سفير جهنم، الطريق المستقيم، زمان ياحب، غرام وانتقام ).
تزوج يوسف وهبى ثلاث مرات، لكنه عرف أكثر من 1000 امرأة؛ ما بين ممثلة وزميلة وحبيبة، وعنهن وضع مذكراته "عشت ألف عام ".
كراهية طلعت حرب
عند تأسيس استديو مصر تبرعت عائشة هانم فهمي زوجة يوسف وهبي بعشرين ألف جنيه مساهمة في إنشاء الاستديو بشرط ان يتولى يوسف وهبى ادارته ورفض طلعت حرب هذا المبلغ الكبير وقال: "إحنا مش عايزين مدير اتعلم في نابولي الضرب بالسكاكين"، فرد يوسف وهبي: يعلم الله أنى لم أتعلم البلطجة في نابولي ولا غير نابولي، ولست من زمرة البلطجية، إلا أننى وقتها فهمت أن طلعت حرب لم ينس لفرقة رمسيس إطاحتها لفرقة عكاشة التي كان راعيها ومؤسسها وذلك لأن للنجاح ضريبة عداءات البعض وغيرتهم.
أصيب في أخريات حياته بمرض اضطراب النوم وسافر يوسف وهبي إلى جنيف للعلاج من صعوبة النوم عام 1974، وهناك قال له الطبيب السويسري إن سنين حياتك بكل تفاصيلها تفوق قدرة العقل على وقف شريط الأحداث فيستعيدها بدون إرادتك في أثناء النوم فتصاب باليقظة، ولابد أنك عشت أحداثا كثيرة، فرد عليه يوسف وهبي قائلًا: لقد عشت ألف عام،بعدها اعتزل يوسف وهبي الفن والناس، وفى النهاية سقط يوسف وهبي من سلم فيلته، وأجريت له عدة عمليات لإصلاح مفصل الحوض في مصر وإنجلترا، واضطر إلى التوقف عن العمل لعدم قدرته على الوقوف ساعات طويلة على المسرح أو أمام كاميرات السينما.
نهاية العملاق
وفي عام 1979 اختاره المخرج يوسف شاهين ليؤدى أحد الأدوار في فيلم «إسكندرية ليه»، ورغم صغر حجم الدور فقد أداه يوسف وهبي بخبرة كل سنين الفن فأبهر الجميع بأدائه، وحصل على جائزتي النقاد والجمهور في مهرجان القاهرة السينمائي، وفي حفل افتتاح الفيلم حضر هو وزوجته، وظل الجمهور يصفق له أكثر من عشر دقائق، ووقف هو للمرة الأخيرة يحيي جمهوره وتلاميذه ومحبيه والدموع تنهمر من عينيه، ليرحل يوسف وهبي عن عالمنا.