مصر محفوظة إلى يوم الدين
شمعة تفاؤل في ظلام اليأس الاقتصادي
لا شك أن اقتصاد مصر –مثله مثل أي اقتصاد عالمي– يواجه الكثير من العثرات، وسيواجه في الفترة المقبلة الكثير والكثير، لكن هل معنى ذلك أن يسيطر التشاؤم على المصريين، ويخرج علينا بعض الإعلاميين والصحفيين بتقارير كلها تبعث على الإحباط والتشاؤم من أن الفترة المقبلة ستواجه مصر والمصريين أزمات لا حصر لها، وسيتم تعويم الجنيه إلى أن يصل إلى 30 مقابل الدولار، وسترتفع الأسعار بصورة تُعجِز الكثيرين عن الشراء، وستتوقف المصانع لعدم وجود مستلزمات الإنتاج الخ، هذه التحليلات التي لو قرأتها في صفحات الإخوان الإرهابيين لما تعجبت، فهم يحاولون بكل قوة إشاعة اليأس ومن ثم الفوضى التي يحلمون بها لتأكل الأخضر واليابس، وهذا إن شاء الله هدف بعيد التحقيق، بل يستحيل..
يستحيل أن تتضرر مصر لأسباب عديدة، أولها أن ذلك يخالف قوله تعالى: “وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ”، فهل من الممكن أن يأتي يوم لا توجد فيه مصر التي حفظها الله وأمنها إلى يوم الدين، فنجت من كوارث أشد وأعتى مما توجه الآن، ولعل كارثة وجود الإخوان الإرهابيين في حكم مصر هي من أعتى هذه الكوارث التي كادت أن تقضي على وجود الدولة المصرية وتمزيقها، على أساس ديني وعرقي، ولكن أنقذ الله مصر من كل ذلك لأنه يصعب بل يستحيل أن يأتي إنسان يتلو القرآن فيصل إلى الأية الكريمة، فيسأله مستمع لكن أين مصر هذه المذكورة في القرآن أو أين الأمن الذي بها؟
وعلى ذلك لا ينبغي الاستسلام للنظرة المتشائمة والتي تجعل الاقتصاد المصري في وضع حرج فهذا لن يحدث أبدا بعون الله ومشيئته، ولكن مصر تواجه بالفعل صعوبات اقتصادية وتحديات كبيرة، ونحن نأمل أن تحل هذه الصعوبات في الفترة القادمة وذلك عن طريق اقتحام مجال التصنيع بقوة لنستغنى عن الاستيراد، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال إرادة سياسية صلبة توقف الكثير من منتجات الاستيراد لصالح مصانع ينشئها القطاع الخاص.. وكذلك ينبغي اقتحام مجال الزراعة بصورة تجعلنا نصدر للخارج كما كنا قديما، فبهذا الطريق لن تحتاج مصر للدولار فمن يملك قوته يملك قراره.
نمو الاقتصاد المصري
ويعتمد المشككون في الاقتصاد المصري والمتشائمون على تقارير دولية تبث ذلك، ومعظمها تقارير سياسية يقف خلفها تنظيم الإخوان الإرهابيين مع بعض الأجهزة الأمنية المعادية لمصر؛ ولذلك فأذكر أن هناك أيضا تقارير توضح حقيقة الموقف، وأخرها تقرير "آفاق الاقتصاد العالمى" والذي رجّح فيه صندوق النقد الدولى انزلاق الاقتصاد العالمى إلى حالة ركود عام، محذرًا من أن هذا السيناريو المتشائم سيكون مؤلمًا جدًا لكثير من الدول.
لكن توقع التقريرالإقتصادى أن يواصل الاقتصاد المصرى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وأن تتحسن مؤشراته لأعوام مقبلة، وأكد أنه اكتسب قدرًا من الصلابة يمكنه من التعامل الإيجابى المرن مع الأزمات الدولية. وخلال مؤتمر صحفى أكد بيير أوليفيه جورينشاس، كبير الاقتصاديين فى الصندوق، أن "الأسوأ لم يأت بعد"، لكن ما يطمئن مصر هو أن «جورجييفا» و«جورينشاس» وتقرير "آفاق الاقتصاد العالمى"، أشادوا بالمرونة، التى تعاملت بها الحكومة المصرية مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وأكدوا أنها تبنت سياسات استباقية، للتكيف مع الصدمات الخارجية.
وطمأننا، أيضًا، أن صندوق النقد، الذى خفض توقعات نمو معظم الاقتصادات العالمية، توقّع أن يتخطى معدل نمو الاقتصاد المصرى، بنسبة كبيرة، متوسط النمو العالمي، ووضع مصر فى قائمة الدول التي بلغت توقعات نموها ٦٪ فأكثر. وأرقام الصندوق تقول إننا استطعنا خلال العام المالى الماضى، المنتهى فى ٣٠ يونيو ٢٠٢٢، تحقيق معدل نمو ٦.٦٪، وفائض أولى ١.٣٪، وخفض العجز الكلى إلى ٦.١٪ من الناتج المحلى الإجمالى، والوصول بمعدل الدين إلى ٨٧.٢٪.
وتوقع التقرير أن تحقق مصر أعلى معدل نمو بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأن تقود «مجموعة الدول المستوردة للنفط» بنمو مدفوع بصادرات الغاز وقطاعى السياحة والاتصالات. وهنا، قد تكون الإشارة مهمة إلى أن قطاع النفط سجل فوائض بحوالى ٥ مليارات دولار، وأن صادراتنا من الغاز بلغت شهريًا ٦٠٠ مليون دولار، ونستهدف زيادتها إلى مليار دولار فى يناير المقبل. كما توقّع الصندوق انخفاض عجز الحساب الجارى إلى ٣.٤٪ فى ٢٠٢٢/٢٠٢٣، ثم إلى ١.٦٪ سنة ٢٠٢٦/٢٠٢٧، وكذا انخفاض العجز الكلى، إلى ٧.٣٪ فى ٢٠٢٢/٢٠٢٣، وصولًا إلى ٦.٢٪ سنة ٢٠٢٦/٢٠٢٧. وفوق ذلك، توقع أن تنخفض معدلات البطالة، لتسجل ٧.٣٪ فى ٢٠٢٣ و٢٠٢٤، و٦.٧٪ بنهاية السنوات الأربع. كما وصف الصندوق خطوات توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا، بأنها جديرة بالترحيب.