عندما يعزف الشيطان
أحب متابعة قصصه التي يسميها “قصة مش مهم تسمعها” باستمرار، ورغم أنها "مش مهم تسمعها" إلا أنني ربما أسمع كل قصة عدة مرات وأركز في كل تفاصيلها كأنني أستمع لها أول مرة لما يمتلكه من مهارات سرد ربما لست الوحيد الذي أراها عظيمة ومدهشة.
يحيى عزام -كاتب ويوتيوبر مصري- أنهيت الليلة الماضية أول رواية تصدر له وهي "عندما يعزف الشيطان" والصادرة عن دار ن للنشر والتوزيع، وربما تأخرت في قراءتها كونها صدرت في الدورة الأخيرة من معرض القاهرة الدولي للكتاب ولكن لظروف سفري لم أتمكن من قراءتها فور صدورها ولكن أجزم أنها من أفضل المشاريع الأدبية الأولى لأي كاتب يمكن أن تقرأها.
القصة التي في مقدمة الرواية والتي سميت على اسمها الرواية جذابة لدرجة عظيمة وتوضح كيف تبدأ المشكلة صغيرة وتتفاقم مع الوقت، والمشكلة هنا ليست بمجرد مشكلة حياتية يتعرض لها شخص أو مجموعة أفراد، بل ربما تكون سلسلة من المشاكل تتعرض لها مدينة كاملة بكل سكانها حينما يقعون في فخ الشيطان عندما يبدأ بالعزف.
كتب الموهوبين
أما قصة الرواية فرغم قلة شخصياتها فإنها ليست شخصيات غريبة عنا بل ربما تكون رأيت شخوصًا تشبه شخصيات الرواية في حياتك، أو ربما تكون أنت تشبه شخصًا في الرواية كما شعرت أنا بأن بطل الرواية والراوي -في نفس الوقت- يشبهني لحد كبير، كوني الأخ الأصغر لطبيب كان من المتميزين في الدراسة طوال سنوات المدرسة بل كان من الأوائل كل عام أيضًا على عكسي تمامًا.
ربما لم تعجبني خاتمة الرواية لحد ما لكن كما قال لي يحيى عزام أن هذا منطقي نظرًا لأن للرواية سيكون لها أجزاء أخرى كسلسلة روائية وهذا شيْ يروق لي، فهو بين صفحات الرواية جذبني بحوارات جذابة سواء بين الراوي وأنا، أو بين الشخوص في الرواية، بجانب سرد ليس مملًا أو مليء بالتفاصيل التي إذا حذفناها يقع إيقاع الرواية.
ولا شك إن كان بداخلي بعض الأفكار بخصوص رواية يحيى عزام فهو عندما كان يقوم بدور الناقد في كتب الآخرين كان بالبلدي "بيطلع القطط الفاطسة"، فكنت أنتظر روايته لأرى ما سيقدمه هو في رواية عندما يعزف الشيطان، ولكن حتى نكون منصفين دعنا نقول عدة أشياء قليلة.
اللغة في الرواية عظيمة جدًا، خالية من الركاكة أو حتى المصطلحات الصعبة والضخمة على القارىء، السرد هادي ورائع، قصة ربما تكون معتادة ولكن تناولها كان مدهشًا وصياغتها رائعة، وكونها مكتوبة منذ عدة سنوات ولكنها لم تظهر للنور إلا بعد شهرته فلا أعرف ما السبب الذي يدفع بعض دور النشر لرفض كتب بعض الموهوبين حقًا كونهم ليسوا مشهورين! ولكن ربما سنتحدث عن تلك المشكلة في مقال منفصل فيما بعد.
الخلاصة، كما يقول دائمًا على قصصه إنها "مش مهم تسمعها" ومع ذلك تجد نفسك تسمعها عدة مرات وتنسجم معها ومع تفاصيلها، ربما يمكننا أيضًا أن نقول على روايته "مش مهم تقرأها" وأعدك أنك ستنسجم معها وتقرأها في جلسة واحدة كما فعلت، فهي ليست كبيرة نسبيًا فهي تقع في حدود مائتي وعشرة صفحة، ولكن قصتها تجبرك على الانسجام معها حتى تنتهي منها.
Twitter: @PaulaWagih