تقارير "كله تمام" تهدد مستقبل وزير التعليم.. وفيات وضرب.. صدمات مدوية فى أول عام دراسى لـ رضا حجازي
لا يوجد خطر حقيقى على مستقبل وزير التعليم الدكتور رضا حجازى وبقائه فى المنصب أكثر من تقارير “كله تمام” التى حمَّلته فى عامه الأول مسئولية تدهور حال الأبنية التعليمية والمدارس والمؤسسات المتوارثة منذ سنوات طويلة، فالواقع الذى نعيشه أصبح يشهد وفيات وإصابات وضربا.. حوادث وكوارث مؤسفة شهدها الأسبوع الأول فقط للعام الدراسى الجديد 2022-2023 الأمر الذى انعكس بإضافة متاعب وأزمات للمواطن المصرى، لتتحول مظاهر بهجة العام الدراسى إلى هلع وخوف، بعد أن فاحت رائحة الموت من جدران المدارس.
الإهمال والفوضى
لا صوت يعلو فوق صوت الإهمال والفوضى والكثافات المرتفعة، حيث عم الخوف والهلع فى نفوس الأطفال لما شاهدوه أمام أعينهم من كواليس وفاة طفلتين على الرغم من تقارير مكتب الوزير التى أكدت جاهزية المدارس لاستقبال الطلاب بناء على التقارير التى تم تقديمها إليه، إلا أن الواقع شهد عكس ذلك، وأكد أن هناك قصورًا تامًّا.
الكارثة الأولى بمدرسة المعتمدية بنات بالجيزة، حيث توفيت فتاة نتيجة الإهمال وعدم جاهزية المدارس وصيانتها بشكل جيد، والأخرى توفت أيضًا بمدرسة سيد الشهداء الابتدائية نتيجة قصور تطبيق المواصفات الكاملة لبناء المدارس وعجز المدرسين الذى تشهده المدارس المصرية، بخلاف الإصابات وحالات التعدى والضرب التى شهدتها المدارس.
ويواجه التعليم فى مصر عددا من المشكلات أبرزها مشكلة الكثافات نتيجة الزيادة السكانية، والتى أصبحت قنبلة موقوتة تواجه التعليم دون حلول لها، وبات هناك ضرورة ملحة لإنشاء فصول ومدارس جديدة لاستيعاب أكبر عدد من الطلاب بمختلف المحافظات، إذ وفقا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن الإدارة العامة لنظم المعلومات ودعم اتخاذ القرار بالوزارة، يبلغ إجمالى عدد المدارس فى مصر 57 ألفا و749 مدرسة، بها 518 ألفا و553 فصلا، ويدرس فيها 24 مليونا و403 آلاف و924 طالبا وطالبة، ويعمل بها 1015700 معلم، وبالإضافة إلى ذلك مشكلة عجز المعلمين فى مختلف التخصصات.
قرارات عاجلة
أصدر الوزير قرارات عاجلة وتحذيرات شديدة اللهجة أحدثت ثورة داخل أروقة وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى بعد مُضى الأسبوع الأول من العام الجديد، حيث حرص حجازى على ضرورة ضبط العملية التعليمية وتحقيق أعلى معدلات الأمن والسلامة داخل المدارس، وتوعد بمعاقبة المخالفين وعدم قبول أية تجاوزات أو أخطاء، واتخاذ الإجراءات القانونية فورا تجاه من يقصر فى أداء واجبات عمله.
شدد وزير التعليم على جميع المديريات التعليمية بضرورة مراجعة صيانة المدارس والمبانى بشكل كامل ودقيق ووصف أوضاعها بكل أمانة، مؤكدا أن الوزارة قامت بإعداد استمارة يتم من خلالها رصد وتوضيح موقف المدارس من الصيانة بدءًا من مدخل المدرسة، وسلامة المبنى وإرسالها إلى الوزارة كما شدد على ضرورة تنفيذ جداول الإشراف اليومى بجدية كاملة ومحاسبة المقصرين.
وأكد الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم أنه سيتم إغلاق المدارس غير الآمنة التى تحتاج لصيانة شاملة ولا تصلح لاستمرار العملية التعليمية مع إعادة مراجعة جميع الأبنية التعليمية بما تشمله من (تجهيزات مدرسية – فصول دراسية – أفنية - أثاث - معامل - حجرات أنشطة – دورات مياه – أسوار - طرقات – ملاعب - أدوات إطفاء الحريق)، وتكثيف خطط المتابعات الميدانية للقيادات بالإدارات والمديريات داخـل المـدارس، وإحكام إغلاق أبواب المدارس بمجرد بدء اليوم الدراسى، عدم مغادرة المدرسة، إلا بعد التأكد من خروج جميع الطلاب، وغلق باب المدرسة بعد انتهاء اليوم الدراسى.
كثافة الفصول
وللقضاء على مشكلة كثافات الفصول ومواجهة الكثافة السكانية وإيجاد مكان لكل طفل يبلغ سن الإلزام فى التعليم، وحل أزمة مدارس الفترات الممتدة، والمتمثلة فى المدارس التى تعمل فترتين، وأخرى فى بعض المناطق تعمل ثلاث فترات، وتغطية جميع أنحاء الجمهورية بالمدارس اللازمة، لا بد من التطرق إلى ملف الإنشاءات المدرسية والمسئول عن ذلك هو هيئة الأبنية التعليمية، لذلك فإن الملف يعد من أخطر الملفات التى تعانى منها العملية التعليمية، فإتاحة مكان لكل طفل لكى يتعلم يعتبر واحدا من الأحلام الكبيرة، وإنجازه كفيل بحل العديد من الأزمات التى تواجه الوزارة.
قال مصدر بهيئة الأبنية التعليمية إنه حتى سبتمبر 2021 تم إنشاء 66705 فصول ضمن 4203 مشروعات منهم عدد 8011 فصلا بإجمالى 374 مشروعا من خلال مشاركة جهات أخرى، والباقى تم تنفيذه من خلال المتاح للهيئة بإجمالى عدد 58694 فصلا ضمن 3829 مشروعا بإجمالى تكلفة حوالى 22.5 مليار جنيه، وتمت تلك المشروعات على مستوى جميع محافظات الجمهورية.
وأضاف أنه تولى محور إنشاء وتطوير المبانى المدرسية بالمشروع القومى لتنمية الريف المصرى مبادرة حياة كريمة وذلك بإجمالى عدد يتجاوز 1100 مشروع بإجمالى 14000 فصل، بالإضافة إلى تطوير وصيانة 1200 مدرسة.
صيانة المدارس
وأكد أنه حتى نهاية عام 2021 تجاوزت مشروعات صيانة المدارس بمختلف محافظات الجمهورية لـ 20 ألف مدرسة، وذلك لتطوير ورفع كفاءة وصيانة المبانى المدرسية، كما أوضح أنه تم تصميم وتنفيذ تجهيزات متميزة للمدارس اليابانية ومدارس المتفوقين والمدارس الحكومية والدولية ومدارس المنحة الألمانية حيث تجاوز العدد لـ حوالى 1.6 مليون تخته، مشيرا إلى أهمية رفع ميزانية هيئة الأبنية التعليمية للسيطرة على مشكلة الكثافة.
وكشف أن ميزانية هيئة الأبنية التعليمية تتراوح سنويا ما بين 6 إلى 8 مليارات جنيه، لذلك هناك مطالبات مستمرة من الهيئة لزيادة الميزانية لـ12 مليار جنيه للتعامل مع العجز البالغ 130 مليار جنيه، بحيث يمكن بناء فصول جديدة، وتوفير أماكن لحوالى 800 ألف طالب يدخلون التعليم سنويا.
يقول الدكتور تامر شوقى، أستاذ علم النفس والتقويم التربوى بجامعة عين شمس والخبير التربوى، إن التعليم المصرى يواجه العديد من المشكلات والتحديات التى تهدد أى جهد لتطوير العملية التعليمية، مؤكدا أن هذه المشكلات مرتبطة ببعضها بعضا، فالمشكلة الواحدة مثل ارتفاع كثافة الفصول يترتب عليها انخفاض جودة التعليم وعجز المعلمين، لذلك يجب أن تكون نظرتنا واسعة فى التعامل مع تلك المشكلات.
وأوضح أستاذ التربية أن مشكلة ارتفاع كثافة الطلاب فى الفصول جعلت الفصل يضم أكثر من 60 تلميذا، بل قد تصل فى بعض المناطق إلى أكثر من 100 تلميذ، مؤكدا أن الكثافة العالية تؤثر فى قدرة الطلاب على الاستيعاب، بل على قدرة المعلم نفسه على نقل المعلومة لهؤلاء التلاميذ.
وأشار إلى أنه يمكن حل مشكلة كثافة الفصول من خلال إعادة توزيع الطلاب على المدارس المختلفة داخل نفس الإدارة، وتقسيم الطلاب إلى فترتين فى حالة المدارس عالية الكثافة، والاستعانة بالتعليم من خلال الشاشات فى المدارس التى تسمح مساحتها بتجميع أعداد كبيرة من التلاميذ فى نفس الصف الدراسى، وفتح باب التبرع لرجال الأعمال لبناء مدارس بكافة مشتملاتها كـ الأجهزة والأدوات والملاعب وتكاليف تعيين المعلمين الجدد، وإطلاق أسمائهم على تلك المدارس.
وأوضح شوقى، أن من ضمن المشكلات أيضًا العجز فى المعلمين، وقد تفاقمت هذه الظاهرة نتيجة لبعض العوامل مثل التوقف عن تكليف خريجى كليات التربية، وخروج أعداد كبيرة من المعلمين سنويا إلى المعاش بدون تعيين جدد، موضحا أنه يمكن حل هذه المشكلة من خلال إعطاء الأولوية عند تعيين معلمين جدد ضم خريجى تخصصات تمكنهم من تدريس أكثر من مادة متشابهة، على سبيل المثال خريجى أقسام العلوم الذين يمكنهم تدريس مواد العلوم المختلفة مثل الفيزياء، والكيمياء والأحياء.
المعلمون المنتدبون
أشار أيضًا إلى أهمية إعادة المعلمين المنتدبين إلى الإدارات والمديريات الأخرى حال عدم الاحتياج إليهم لسد العجز، وإضافة سنة كاملة لكليات التربية بحيث تكون للتدريب العملى للطلاب فى المدارس والتوسع فى أن تكون الخدمة المدنية لخريجى الجامعات والكليات خاصة كليات التربية فى المدارس وإلزام الموجهين للمواد المختلفة بالتدريس على الأقل يوما فى الأسبوع لحين تعيين معلمين جدد، وكذلك عمل محاضرات مجمعة للطلاب خاصة لطلاب المرحلة الثانوية، ويفيد فى ذلك اتباع نظام التعلم الهجين حيث تنقسم أيام الدراسة بين الحضور للمدرسة وحضور المنصات التعليمية.
من جانبه أوضح الدكتور محمد عبد العزيز، أستاذ التربية بجامعة عين شمس، أنه كان لابد لوزير التعليم أن يقدم قواعد بيانات حقيقية عن الأبنية والمعلمين والتلاميذ والكثافة الطلابية وغيرها من عناصر ومفردات العملية التعليمية، ووضع الحلول التقليدية وغير التقليدية، وخاصة أنه كان رئيس قطاع التعليم لسنوات، كما كان الرجل الثانى فى الوزارة ولديه البيانات، مؤكدا أن وضع الحلول ليس بالأمر الصعب، ولكن المطلوب فقط هو الشفافية، وإن لم يتم وضع الحلول المناسبة ستستمر مشكلات التعليم تتفاقم يوما بعد يوم.
من ناحيتها، فندت عبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، وائتلاف أولياء أمور المدارس الخاصة، بعض المشكلات التى واجهت أولياء الأمور فى الأسبوع الأول للعام الدراسى الجديد 2022-2023..
وذكرت عبير بعض المشكلات التى تلخصت منها الكثافة الطلابية داخل الفصول، وسوء تنظيم دخول الطلاب فى بعض المدارس والتدافع والزحام من أجل الجلوس فى «التختة الأولى»، وغياب بعض المشرفين، وعدم القيام بدورهم على أكمل وجه مما تسبب فى حدوث إصابات للطلاب وحالة وفاة لطالبة.
وكذلك عدم التزام بعض المدارس بالقرارات الوزارية الخاصة بسداد مصروفات العام الدراسى على 4 أقسام بالنسبة للمدارس الخاصة، وكذلك ربط المصروفات بتسليم الكتب فى بعض المدارس.
نقلًا عن العدد الورقي…