رئيس التحرير
عصام كامل

"كنز الأرض".. استغلال المخلفات الزراعية في إنتاج المستحضرات الصيدلية والغذائية

حرق المخلفات الزراعية
حرق المخلفات الزراعية

يواجه المجتمع العديد من التحديات في سياق تغير المناخ، لذلك كان الهدف الأساسي للمركز القومي للبحوث هو الحد من التلوث الذى ينتج عن المخلفات الزراعية ومحاولة إعادة تدويرها واستخدامها بطريقة صديقة للبيئة لتكون ذات عائد اقتصادى عالى وتساهم فى صناعة الدواء والمكملات الغذائية.

وبالفعل قام معهد بحوث الصناعات الصيدلية والدوائية باستغلال مخلفات الأخشاب لإنتاج وتنقية انزيم الانفرتيز بتكلفة زهيدة وبذلك تحولت مخلفات الأخشاب إلى مادة خام للصناعات الدوائية والغذائية.

ايضا تم عمل متراكبات قائمة على ألياف السليلوز الناتج من المخلفات الزراعية (قصب السكر) بعد تحويلها إلى صورة نانونية وذلك لتجديد وبناء العظام كما تم ايضا استخدام متراكبات أخرى فى صورة كريم موضعى مضاد للبكتيريا وفى تجديد الأنسجة التالفة وأيضا فى حماية تجاويف الأسنان.

مواد فعالة لعلاج الشلل الرعاش


ونظرا أن المخلفات الزراعية تعتبر غنية بالكثير من المواد الفعالة والنشطة بيولوجيا والتى يمكن ان تساهم فى علاج كثير من الأمراض فقد قام المعهد بدراسات حول هذه المواد وقد أثبتت فاعليتها كأدوية عشبية أو مكملات غذائية فعلى سبيل المثال تم استخدام المواد الطبيعية المستخلصة من قشور البرتقال الحلو والمر كمواد فعالة يمكن استخدامها فى حالات الشلل الرعاش وقرحة المعدة كما تم استخدام المواد الطبيعية المستخلصة من قشور نبات الحرنكش كمواد فعالة واقية لالتهابات الكبد والكلى.


إعادة تدوير قش الأرز ولب قصب السكر


وتعد المخلفات الزراعية من قش الأرز وقصب السكر من الثروات الزراعية المهدرة لما تحتويه من عناصر طبيعية مفيدة وغنية إذا أحسن استخدامها، إلا أنها تصبح عبئا على الدولة والبيئة إذا أساء استخدامها. وحرقها قد يتسبب فى مشاكل بيئية عديدة ويزيد من الشعور الاختناق خاصة مع المتوقع من تغيرات مناخية.

ويتميز المركز القومى للبحوث بوجود قسم كامل يهتم بمعالجة هذه المخلفات وغيرها واستخلاص مادة السيليلوز منها وإدخاله فى الكثير من الصناعات، أهمها صناعة الورق بأنواعه، وقد برع الكثير من العلماء فى هذا القسم على ومنهم الدكتور محمد لطفى حسن فى استخلاص مادة السيليلوز فى الحجم النانومترى مما يحسن من خواص الأوراق المحضرة منه.

وبالتعاون مع هذا التخصص العريق فى المركز القومى للبحوث وما عرفناه من خصائص هامة للسيليلوز أهمها أنه منتج طبيعى يدخل فى صناعة العديد من الأطعمة والمشروبات لذلك فهو آمن من الناحية الصحية، كما أن له خصائص ميكانيكية  تجعل منه عنصرا واعدا للاستخدام فى مجال طب وجراحة الفم والأسنان.

مجال الفم والأسنان 

 

وبعد العديد من التجارب والأبحاث المعملية تم التوصل الى ثلاثة منتجات واعدة تعتمد فى تكوينها على السيليلوز فى الحجم النانومترى وتستخدم فى مجال طب الفم والأسنان، أول هذه المنتجات هو عبارة عن مادة قابلة للحقن محضرة من هيدوجيل السيليلوز النانومتري المستخرج من قش الأرز والمستخدم لملء فجوات عظام الفك.

وتم اختبار التوافق الحيوى للهيدروجيل المحضر فى وجود الخلايا العظمية فى المختبر وعلى حيوانات التجارب كما تم التأكد من قدرته على تكوين العظام. ويتميز هذا المنتج الهيدروجلى على المنتجات التجارية  الأخرى المتوفرة بأنه مستخلص من مصادر نباتية  طبيعية، متوفرة بكثرة فى مصر، قابلة للحقن فلا تحتاج جراحة، متلائمة حيويا مع خلايا الجسم، وتحفز نمو العظام نظرا لوجود مادة السيليكا طبيعيا فى قش الأرز وبذلك تكون ملائمة للاستخدام كمادة مالئة فى المنطقة المصابة فى الفك.

وقد تم منح البراءة لهذا المنتج عام 2019 من قبل أكاديمية البحث العلمى باسم كلا من الدكتورة إنجي محمد صفوت نيازى، والدكتور محمد لطفى حسن، والدكتورة داليا يحيى زكى، والدكتور محمد زعزوع.

أما المنتج الثانى فهو عبارة عن افلام فموية محضرة من السيليلوز المستخرج من لب قصب السكر والمحمل ببودرة الزجاج النشط حيويا المتميز بقدرته على إطلاق المعادن اللازمة لتعويض المعادن المفقودة من مينا الأسنان نتيجة للتسوس الاولى،  و لذلك فهذه الافلام الفموية تتميز بقدرتها على اعادة التمعدن للاسنان، تم اختبار هذا المنتج الواعد على الاسنان فى المختبر وقد أثبت نتائج مبشرة من حيث قدرته على تقوية مينا الأسنان وإعادة المعادن المفقودة منها بعد وضعه فوق الأسنان المصابة دون أن يؤثر سلبا على اللثة. تم التقدم لأكاديمية البحث العلمى للحصول على براءة اختراع لهذا المنتج ومازالت قيد الدراسة.

اما المنتج الثالث فهو عبارة عن علاج دوائى لأمراض الفم واللثة مصنوع من السيليلوز النانومترى المحمل بمضاد حيوى (ميترونيدازول) والمستخدم لعلاج التهاب اللثة.

ويتميز هذا المنتج بقدرته على إخراج المضاد الحيوى بجرعات صغيرة مناسبة فى المكان المصاب فى اللثة مباشرة، حيث يضعه الطبيب فى اللثة المصابة لمدة العلاج المحددة كعلاج موضعى مكان الإصابة مما يغنى عن تناول المريض الدواء بالفم وما يترتب عليه من آلام فى المعدة أو أى تحسس فى الجسم، كما أنه يضمن وصول الدواء فى المكان المصاب بجرعة مناسبة كافية طوال الفترة بين الزيارات الطبيبة.

الجريدة الرسمية