على هامش تجربة خليجية
على عجلة من أمرنا حزمنا حقائبنا، وإلى مطار القاهرة توجهنا بصحبة نخبة من كتاب ورؤساء تحرير إلى الكويت، حيث التجربة الأقدم في محيطها.. انتخاب مجلس الأمة الكويتي. وصلنا إلى مطار الكويت فى السابعة مساء تقريبا، ولم يكن الطقس كما توقعنا، ولم تكن الرطوبة بنفس الكثافة والقسوة التى تصورناها.. كان المناخ لطيفا خصوصا فى المساء.
لافتات الدعاية الانتخابية أكثر انضباطا فى الشوارع، ولا تشكل هاجسا بصريا للمارة، ضوابط الدعاية أكثر حسما هذه المرة رغم سخونة المعركة الانتخابية، حيث يتنافس ٣١٣ مرشحا على الكعكة الانتخابية هذه المرة. صحف ووسائل الإعلام الكويتية تخصص صفحات مكثفة للحديث عن التوقعات، ومعارك ما تحت الحزام، وأحلام وصول المرأة إلى مقاعد البرلمان، وجدل عميق حول الوعى الانتخابي، وما يجب أن يحسمه المواطن من خلال الصندوق.
تجربة الكويت مع الانتخابات باعتبارها إحدى أدوات ممارسة الديمقراطية هى الأقدم فى محيطها الخليجى، ولها خصوصية مضرب المثل فى صخبها وضجيجها إلى درجة يصفها البعض بالصعبة وغير المكررة. والكويت من الدول التى سعت قديما إلى صياغة عقد اجتماعى يحكم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، تطور مع الزمن وأفرز إرثا ديمقراطيا له مواصفات خاصة.
أبرز ما يمكن قوله إن خبراء الشأن البرلمانى هناك سجلوا العديد من الملاحظات، لعل أبرزها حالة التنمر بين الجهاز التشريعى والجهاز التنفيذى، مما عطل المسيرة فى أكثر من مرة، حتى وصلت إلى ما يسمى بتصحيح المسار. الانتخابات جرت هذه المرة وفق البطاقة المدنية، مما يعنى تحديد الدوائر حسب المسكن، وأيضا مواجهة حاسمة لفكرة شراء الأصوات ومحاولة إخلاء الساحة تماما من التجاوزات التى عرفتها التجارب الانتخابية السابقة.
العلاقات المصرية الكويتية
بعد الفرز الكامل حافظت القبائل على نصيبها الذى يقارب عدد النصف من الأعضاء المنتخبين، كما حافظ الشيعة على تمثيلهم بأربعة مقاعد تقريبا، ولم يخرج الإخوان من الساحة وحافظوا على تمثيلهم بنفس النسبة السابقة تقريبا. من مفاجآت هذه الدورة وصول المرأة بمقعدين، اعتبرهما المحللون مسألة مهمة فى تاريخ هذه الدورة، أيضًا نجاح عضوين مسجونين بتهمة خوض الانتخابات الفرعية، وهى انتخابات مجرَّمة قانونا.
والانتخابات الفرعية قضية محلية، حيث تقوم القبيلة بعقد انتخابات داخل محيط القبيلة لتحديد ممثل لها يتم ترشيحه لمجلس الأمة، وهى القضية التى ضبط وقائعها الأمن، وقضت المحكمة بسجن العضوين، غير أن هذا لا يمنعهما من الترشح لمجلس الأمة باعتبارها قضية غير مخلة بالشرف.
على هامش الفعاليات الانتخابية التقينا السيد عبد الرحمن المطيري، وزير الإعلام الكويتى، ومن خلاله عبَّر عن عمق العلاقات الكويتية المصرية، ودار حوار مثمر وجاد حول تطور هذه العلاقات وما قد يشوبها فى بعض الفترات من شوائب تسببها مواقع التواصل الاجتماعى. ولدى الوزير رؤية متطورة حول التقاطع بين الإعلام المحترف والإعلام الاجتماعى ووضع منظومة متقدمة قانونيا وتوعويا للتعامل مع المشكلات الناجمة عن هذا التشابك.
كنا على موعد مع السفير المصرى أسامة شلتوت فى بيت المصريين بالعاصمة الكويتية، فريق عمل السفارة خلية نحل دءوبة تعمل ليل نهار لرعاية أكثر من نصف مليون مصرى هم قوام الجالية المصرية بالكويت، وأكبر جالية أجنبية بالبلاد.. والسفير أسامة شلتوت واحد من الدبلوماسيين المصريين أصحاب التجارب الثرية، حيث شغل عددًا من المواقع فى الإدارة المركزية بوزارة الخارجية، وعمل سنوات داخل السودان الشقيق فى عدة مواقع كان آخرها سفيرا لمصر بالخرطوم.
فريق عمل السفارة لديه تفاصيل كاملة عن حجم الأعمال والأعباء، ويتابع عن كثب أحوال الجالية المصرية، يساعده على ذلك درجة عالية من التفاهم مع المسئولين الكويتيين الذين يهتمون بشكل خاص بكل ما يهم مصر والمصريين.
وعلى هامش الفعاليات الانتخابية نظمت وزارة الإعلام جولات ثقافية وسياحية للوفود الإعلامية كان من أهمها متحف الفن الإسلامى، وهو واحد من أهم المواقع الثقافية حضورا، وله تجربة مهمة مع الأطفال، ويحظى بعدد وافر من القطع الأثرية الإسلامية متفاوتة التاريخ والقيمة.
انتهت الانتخابات وفاز من فاز، وطرح الفرز النهائى مجلسا ينتظر منه المواطن الكويتى تغليب المصلحة العامة على الخاصة ووضع مصالح البلاد فى المكانة التى تليق بها.
