شباب مصر يحتاج الحوار والاهتمام!
أن تعيش بين شباب مصر خمسة أيام لا تفارقهم، وتشاركهم فى كل شىء، هذا يعنى أنك تعايش الأمل والمستقبل، تعايش الإرادة والطموح، تعايش أحلام شباب من عشر محافظات مختلفة، وهذا يعنى التنوع بين شباب أسوان والأقصر وقنا وشباب الإسكندرية والغربية والبحيرة وكفر الشيخ والقليوبية مع شباب الحدود من مرسى مطروح، هذا التنوع بين الشباب نسج رؤية لشباب مصر، خلق صورة لأحلام من سيرسم مستقبل مصر الباهر بإذن الله.
ماذا كنا نقدم لهؤلاء الشباب وماذا كان موقف الشباب من محاولتنا من الحوار معهم؟ قدمنا لمائة من شباب مصر برنامج محكى الشباب للتراث برعاية وزارة الشباب، وهو ينقسم الى قسمين أحدهما نظري والآخر عملى.
فمن حيث الجانب العملي: كانت أولى الورش خاصة بالفنون التشكيلية وكل من تضمهم يمارس الفن كهواية، وبريشة هؤلاء تم رسم سيناريو يحكى تاريخ الإسكندرية وبشكل عبقرى، أما ورشة الإعلام التى قامت بتدريب الشباب على كافة عناصر الإعلام المقروء والمرئي فقدموا فيلما يحكى سيناريو فعاليات الورش المتعددة، وكانت التنمية البشرية حاضرة فكانت بمثابة التأكيد على الدعم للشباب في كل فعاليات الورش، واندهشنا من نتائجها التى انعكست على تصرفات الشباب.
أما ورشة الموسيقى والغناء فقد كشفت عن تراث سيد درويش الإسكندرانى الوطنى، الذى لا يعرفه الشباب، واستطاعت الورشة أن تقدم التراث بإبداع وتسابق الشباب في الغناء الفردى والجماعى الذى يميز تراث العظيم سيد درويش، حتى ورشة تحسين الخطوط التى كانت مفاجأة، وظهرت نتائجها منذ أول يوم، وكان حسن الختام ورشة المسرح، فقد قدمت عددا من اللوحات الإبداعية التى تعبر عن مشاكل الشباب وتشير إلى المخاطر التى تواجهه، حيث قدمت الشاب الذى تواجهه مشاكل الزواج ولكنه يهاجر بطريقة غير شرعية فيفقد حياته فى البحر..
الشباب مستقبل مصر
ويشير العرض إلى أن الحل بالتخلي عن بعض التقاليد مثل المبالغة في مستلزمات الزواج، والحل في العمل وليس الهجرة غير الشرعية، وقدمت لوحة أخرى في الختام عندما قدم شقيقان أحدهما يقدس القبور والآخر يقدس العلم، وأمهما مريضة تعانى، وكان ختام هذه اللوحة عبقريا، عندما يجلس من يعبد القبور يدعو الله بأن يشفى أمه المريضة، ولكن الذى يقدس العلم يقول: أما أنا فسأذهب لإحضار الطبيب لعلاج أمنا!
أما عن الجانب النظرى والحوارى فقد كان اللقاء الأول مع اللواء الربان نبيل عبدالوهاب أحد أبطال تدمير ميناء إيلات ثلاث مرات، وهو البطل الذى لم ينفذ تعليمات القيادة بترك جثمان زميله الشهيد البرقوقى وسبح به أربعة عشر كيلو معرضا نفسه للغرق، وتحدث البطل نبيل عبدالوهاب عن ست سنوات من الكفاح والتحدي مع العدو الصهيوني، وتعرض بذكاء ووطنية لنكسة يونية 67، وأشاد ببطولة المقاتل المصرى الذى كان أقوى أسلحة الانتصار في أكتوبر، والأجمل تجاوب الشباب معه وامتد اللقاء إلى حوالى ثلاث ساعات بدلا من ساعة ونصف، واصطفوا حوله حبا وتقديرا ثم التقطوا الصور التذكارية مع البطل.
أما اللقاء الثانى فقد كان مع الدكتور محمود الشال أستاذ التاريخ في جامعة الإسكندرية، الذى قدم للشباب تاريخ الإسكندرية منذ الإنشاء مرورا بدورها الوطنى في مواجهة الحملة الفرنسية ودور البطل محمد كريم وصولا إلى دور الإسكندرية في 25 يناير و30 يونية 2013، وكان تجاوب الشباب رائعا.
وكان آخر اللقاءات مع الخبير والمفكر الدكتور سعد الزنط، الذي قدم بانوراما رائعة لمصر وحكامها منذ محمد علي وحتى الرئيس السيسي، وتعرض لدور الأسرة والتعليم وكافة المشاكل التى تواجه المجتمع المصرى، وكان رائعا أن يتلقى أسئلة الشباب حول كل ما يدور في عقولهم من تساؤلات حول أهمية إقامة العاصمة الادارية، ومشاكل السكن والبطالة، وفرص العمل، وأجاب الدكتور سعد الزنط على كافة الأسئلة بصراحة ووعى دون تزييف للحقائق. ووعد الشباب باللقاء مرة أخرى.
أى سعادة تلك التي يمكن أن يشعر بها الإنسان وهو يعيش مستقبل مصر ويرى كل الخير في عيون هؤلاء الشباب، وهذا يطرح قضية في الأهمية، هو بناء الإنسان وفتح الحوار الدائم مع الشباب، هؤلاء الشباب والملايين مثلهم في أمس الحاجة إلى من يحاورهم، ويفتح صدره لهم ويسمعهم ويعطيهم الأمل في الغد، الشباب هم الأمل رضينا أو لم نرض، ولهذا فإن الاهتمام بالشباب يفوق قدرات وزارة الشباب مهما أتيت من قوة، فلابد من تكاتف وزارات التربية والتعليم، والتعليم العالى، والثقافة، بل ان هناك دورا على وزارتي التضامن والإسكان.. إلخ..
كما أن للإعلام دورا مهما أيضا، فلابد أن يكون الشباب هو الهدف لكافة عناصر الدولة، وما تقوم به وزارة الشباب شىء جميل ومحمود ولكن لابد أن نتوجه للشباب أكثر وأكثر.. وأخيرا أشكر الدكتور أشرف صبحى الذى أتاح لى هذه الفرصة لأعيش مع شباب مصر.. مع مستقبل مصر.. وتحيا مصر.