هل تلعب البورصة دورا حيويا في مواجهة الأزمات الاقتصادية.. خبراء يجيبون
يعقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اجتماعات مكثفة خلال الفترة الأخيرة لبحث عدد من الموضوعات المهمة الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن هناك اتصالًا يوميًّا مع حسن عبد الله محافظ البنك المركزي، في إطار تنسيق كامل بين الحكومة والبنك المركزي بشأن التحرك في عدد من المحاور الاقتصادية في الفترة المقبلة.
وأشاد رئيس الوزراء بالإجراءات المهمة التي تم إعلانها من جانب وزارة المالية تنفيذًا للتكليفات الرئاسية، والتي تضمنت إقرار حزمة إجراءات استثنائية لتيسير الإفراج عن الواردات، وتخفيف الأعباء عن المستثمرين والمستوردين فى مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة، على نحو يسهم في خفض أعباء الأرضيات والغرامات، ومن ثم تقليل تكاليف السلع على المواطنين.
ومن جانبهم أكد خبراء أسواق المال، أن البورصة يمكن أن تلعب دورًا كبيرًا فى دعم جهود الدولة لإنعاش الاقتصاد، مشيرين إلى أن دور البورصة خلال الفترة المقبلة يتركز بشكل كبير فى دعم الدولة، ولذلك هناك عبء كبير على قيادات سوق المال والبورصة الجديدة لدعم الدولة والاستثمار والتنمية، ولا بد من وجود منتجات تجذب المستثمرين الأجانب فالبورصة لا تحوى أكثر من 200 شركة ولا توجد أكثر من 15 شركة متفاعلة وأكثر نشاطًا، فالمستثمرون الأجانب والخليجيون بحاجة إلى منتجات وطروحات جديدة تستوعب طموحاتهم ورغباتهم.
قال الدكتور محمد شعراوى، خبير أسواق المال: إن هناك عدة تعريفات للبورصة من بينها أنها مرآة الاقتصاد وشريان الاقتصاد، وتبدو أهمية البورصة من أن أى مستثمر أجنبى قبل الشروع فى دخول سوق مال أى دولة فإنه يركز على سوق المال لهذه الدولة فإذا كانت الدولة قوية من الناحية الاقتصادية فسوف يظهر هذا بقوة على سوق المال الخاص بها، وإذا كانت ضعيفة فسيتضح ذلك أيضًا من بورصتها فالمستثمر الراغب فى دخول دولة ما أن يبدأ بشراء أسهم فى بورصتها، وعندما يتأكد من أن اقتصادها قوى ومناسب للاستثمار يتخذ قرارًا بتحويل استثماره من استثمار غير مباشر إلى استثمار مباشر.
وأوضح أن دور البورصة خلال الفترة المقبلة يقوم على جذب الاستثمار الأجنبى، ولذلك فإنه كلما كان أداء البورصة قوى ساهمت فى التنمية والاستثمار فى أى دولة، فأى بورصة فى العالم لها دوران رئيسيان أحدهما تمويلى والآخر استثمارى، أما التمويلى فهو للشركات التى ترغب فى التمويل وتحتاج زيادة رأس المال الخاص بها، والاستثمارى من خلال مستثمرين أجانب وعرب ومحليين لديهم فائض فى أموالهم يمكن استثمارها بتمويل آخرين.
ولا بد من تفعيل هذين الدورين التمويلى والاستثمارى من خلال البدء فى تشجيع الشركات الموجودة فى مصر لتكون مقيدة فى البورصة لتقوم بدورها الترويجى للإعلان عن السوق وكشف كيفية الاستثمار والفرص الاستثمارية فى تلك الأسواق ودعوته للاستثمار داخل البورصة المصرية للاطمئنان إلى السوق ثم يتحول إلى الاستثمار المباشر بالاستحواذ على شركات قائمة والتوسع فيها وزيادتها بضخ رؤوس أموال جديدة.
وأشار إلى أن هناك إدراكًا كبيرًا بأهمية البورصة ودورها التنموى فى السوق، خاصة أن البورصة ودورها التنموى ستدعمان جهود الدولة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الطاحنة ويمكنها تحقيق طفرة اقتصادية، كما أن تفعيل دور البورصة سيساعد على التشغيل والحد من البطالة وزيادة الإنتاج والتصدير، وبالتالى تقوية العملة المحلية والجنيه المصرى.
وقالت عصمت ياسين، خبيرة أسواق المال: إن البورصة المصرية أصبحت فى بؤرة اهتمام صانع القرار ومن المؤكد أن اهتمام الحكومة من خلال تصريحاتها الأخيرة بالشركات المقيدة أصبح ملموسًا، كما شهد ملف الاستحواذات نشاطًا واسعًا خلال الفترة الأخيرة لتوحيد الكيانات وإظهار كيانات كبرى تتحكم فى الخدمة المقدمة والسعر، لتعطى عمقًا أكبر للسوق المحلى.
وأضافت أن هناك مبادرات يقوم بها محافظ البنك المركزى الجديد والحكومة لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية، وأيضًا التوسع فى طرح سندات خضراء من شانها جذب شريحة جديدة من المستثمرين المهتمين بالبيئة وإنتاج الأسمنت الأخضر والهيدروجين الأخضر والأزرق، والمبانى الخضراء، لتعطى أهمية كبرى للحفاظ على البيئة حيث أصبح سؤالا صريحا من المستثمرين خلال قراءة ومناقشة جدول أعمال الشركات المقيدة، ومع قرب مؤتمر المناخ فى شرم الشيخ نوفمبر المقبل.
وتابعت: أنه لا زال أمام البورصة الكثير والكثير لكى تساعد وتدعم الاقتصاد، ولكن الأهم هو إعطاء إشارة من القيادات الحكومية بأن البورصة موضع اهتمام ورعاية ودراسة متأنية لكل المشاكل والعراقيل التى يشهدها، لذلك لا بد من تجهيز السوق أولًا وإزالة العراقيل فمثلًا مع خفض الضرائب لا زالنا ننتظر الإلغاء التام لدفع بمزيد من العزم والقوة للسوق، ولا زال السوق فى انتظار الطروحات الحكومية والخاصة لتعطى عمقًا أكبر ومزيد من تنوع منتجات السوق، كما أننا لا زالنا فى انتظار النظر فى الحدود السعرية التى يتحرك داخلها سعر السهم، لتسمح بمدى للمتاجرات اكبر.
من جانبه قال الدكتور إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفني في شركة نعيم للوساطة في الأوراق المالية: إن مصر بحاجة إلى إعادة بناء سوق مال جديد كليًّا، يقوم على بائع ومشترى وبضاعة وأدوات جيدة لسوق المال، لافتًا إلى أن أهم دعائم سوق المال يتمثل فى وجود بضاعة متنوعة وتكون ممثلة للسوق المصرى، مشيرا إلى أنه يجب أن تكون البورصة بابًا من أبواب تمويل المشروعات، والادخار لصغار المستثمرين، والاستثمار المؤسسى وبخاصة فى صناديق العاملين والتأمينات حيث إنها يمكن أن تلعب دورًا فى حماية وتنمية المدخرات وأموال المتقاعدين.
وشدد على ضرورة أن يكون لدى الحكومة رغبة حقيقية وإرادة فى تطوير وإعادة بناء سوق المال المصرى.
وقال عيسى فتحى، خبير أسواق المال: إن البورصة يجب أن تكون وسيلة للطروحات الحكومية المنتظرة، فمن ضمن وظائف البورصة التمويل، ومساعدة الشركات على زيادة رأس المال، فتساعد في عمليات التوسع والتجديد والإحلال للمشروعات، والبورصة وسيلة من وسائل توفير المعلومات للأسواق، ومعرفة طبيعة الأسواق ومؤشرات السوق والقطاعات الأبرز، وإعداد الجدوى لدراسة الصناعات ودخول وخروج القطاعات والمشروعات، وهي وسيلة من وسائل إثراء الاقتصاد.
ولفت إلى أن رؤية الدولة للبورصة خلال السنوات الأخيرة غير جيدة، ولم تكن في بؤرة اهتمام الدولة ولا ترى مؤشراتها بشكل جيد، بالإضافة إلى عدم الوعي بشكل كافٍ لدور البورصة في الدولة، ولا بد أن تضع السياسات النقدية ذلك في الاعتبار وتعي مدى أهمية دور البورصة خلال الفترة المقبلة، والتى تسعى فيها الدولة لمواجهة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.