الخيارات كلها صعبة.. تداعيات ضم بوتين لـ4 مناطق أوكرانية.. حرب شاملة وتدمير الكامل لأوكرانيا
“اتخذ الناس فى مناطق دونتيسك ولوجانسك وزابوروجيا وخيرسون خيارا واضحا، وهو اختيار يستند إلى التاريخ، فأجدادنا هم من دافعوا عن هذه الأراضى، ويجب على نظام كييف احترام خيار الملايين من شعوب تلك المناطق، فهو تاريخنا ومصيرنا ومستقبلنا المشترك، وتلك أحاسيس لن يتمكن أحد من نزعها منا، وهذا هو طريق الحل السلمى، وندعو كييف للتفاوض، لكننا لن نناقش اختيار الشعب.. لقد تم ذلك ولن تخذل روسيا الشعب” هذه الكلمات كانت أبرز ما جاء على لسان الرئيس الروسى فلاديمير بوتين خلال كلمته الجمعة الماضي التى أعلن فيها ضم أربعة أقاليم أوكرانية للأراضى الروسية، ورسم خريطة جديدة للجمهورية الروسية، كلمة بوتين التى حملت تهديدا ووعيدا تبشر بأيام صعبة قادمة على الغرب والعالم أجمع، خصوصا أنه سوف تتغير الخريطة الجيوسياسية لكل من روسيا وأوكرانيا.
خريطة روسيا تتمدد
وعلى الرغم من أن الحرب الروسية الأوكرانية دخلت شهرها الثامن إلا أن أنظار العالم تتوجه إلى ما يحدث هناك، عقب توقيع الرئيس الروسى مرسومًا بشأن الاعتراف باستقلال كل من خيرسون وزابوروجيا ولوجانسك ودونيتسك وضمهم للاتحاد الروسى، وذلك عقب انتهاء عملية استفتاء للانضمام نظمت على مدى 5 أيام، فى مناطق السيطرة الروسية فى شرق وجنوب أوكرانيا، وذلك أملا فى أن ينظر لتلك الخطوة على أنها إثبات لنجاح العملية العسكرية الخاصة بهم، وكذلك لتعزيز الدعم الوطنى للصراع، وهو ما نددت به كييف وحلفاؤها الغربيون ووصفته بالاستفتاء الصورى والمهزلة.
احتلال روسي
وحول تداعيات الخطوة التى قام بها بوتن، قال الدكتور مهدى عفيفى العضو البارز فى الحزب الديمقراطى الأمريكى، أن الولايات المتحدة الأمريكية اعتبرت أن الاستفتاء الذى قامت به روسيا فى 4 مناطق شرق أوكرانيا غير مقبول دوليًا وغير قانونى لأنه يعد استقطاع أرض من دولة ذات سيادة ومعترف بها فى الأمم المتحدة، وهو بمنزلة احتلال، أما الحديث عن إرادة الشعب فتلك صورة شكلية، فقد رأينا جنود موسكو وهى تدفع المواطنين بهذه المنطقة للتوقيع على هذا الاستفتاء.
وتابع بأن الاستفتاء مقصود منه ضم أراضى جديدة لروسيا لتحقيق جزء من أحلام بوتن التى كان يتحدث بها منذ سنوات طويلة، وإعادة روسيا إلى ما كانت عليه من قبل، وهى: "روسيا الاتحادية أو الاتحاد السوفييتى"، لذلك أعتقد أن المجتمع الدولى سيرفض بشكل كبير تلك الخطوة، ولا أظن أن هذا سيؤدى إلى حرب داخل روسيا فهى استطاعت من خلال السياسة الإعلامية أن تقنع الروس أن ما تقوم به هو لحمايتهم وحماية مصالحهم وحماية الدولة الروسية، ولذلك استقطاع هذه المناطق التى تعد موالية لحكماء موالين لروسيا، لا يمكن أن تؤدى إلى حرب فى الداخل الروسى على الأقل فى الوقت الحالى.
موقف بوتين
وتابع بأن توجه القيصر الروسى هو فرض أمر واقع على المجتمع الدولى والضغط على أوكرانيا بعدما فشلت محاولته العسكرية، لذلك يحاول اختلاق قضايا جديدة، مثل ضم تلك المناطق الأربعة، وأمريكا تعلم جيدا أن بوتن فى مأزق، وكل خطواته الأخيرة ما هى إلا حيلة لحفظ ماء الوجه، لأن أوكرانيا أثبتت قدرتها على مقاومته، والمجتمع الدولى وأمريكا مستمرون فى دعم أوكرانيا للنهاية.
وأشار العضو البارز فى الحزب الديمقراطى الأمريكى إلى أن التعبئة الجزئية هى جزء من منظومة الفشل التى مُني بها الجيش الروسى عند النظر للعتاد بالمقارنة بالأوكرانى، فقد كانت هناك أضعاف من الأعداد، لكن الفشل الروسى فى تحقيق نجاح داخل أوكرانيا وتركيع الحكومة الأوكرانية أدى إلى هزيمة الكثير من الفرق الروسية المحاربة، وأدى إلى استخدام روسيا للمرتزقة، بالإضافة إلى إعلان التعبئة الجزئية، وكما رأينا هناك بحسب وسائل الإعلام والاستخبارات الروسية أن هناك الكثير من الروس يفوق عددهم الربع مليون خرجوا من روسيا هربًا من هذه التعبئة ومحاولات وضعهم فى حرب مع أوكرانيا.
واستطرد الحديث قائلا إن التهديد بالسلاح النووى لا يخيف المجتمع الدولى ولا الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها خطوة انتحارية، لو قام بها بوتن باستخدامها سيكون هناك رد قاس كما ذكرت الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك استعدادات من ذى قبل، وتم تحذير بوتن والمحيطين به من محاولة الانتحار، لأن ذلك سيؤدى إلى حرب عالمية ثالثة.
الإستراتيجية العسكرية
من جانبه، قال الدكتور عمر الديب، أستاذ مساعد فى جامعة لوباتشيفسكى الروسية ومدير مركز خبراء رياليست، إن نتائج الاستفتاء التى تم الإعلان عنها، ليست وليدة هذه الأيام، فهى تعود لعام 2014 منذ أن ضمت روسيا شبه جزيرة القرم إليها، وهناك رغبة من سكان هاتين المنطقتين، ونخص بالذكر لوجانسك ودونيتسك، أو منطقة دونباس بالكامل، فهم لديهم الرغبة الحقيقة للانضمام للاتحاد الروسى.
وتابع: "توابع هذا الضم خطيرة جدا، فالأعمال العدائية ستستمر، وهذا سيشكل بعد الآن اعتداء على الأراضى الروسية بشكل مباشر، وهذا الأمر يعنى تغيير مصطلح العملية العسكرية الخاصة إلى مصطلح أقل شيء عملية مكافحة إرهاب، أو إذا زادت الأمور عن حدها، قد يؤدى إلى إعلان الحرب الروسية على الدولة الأوكرانية، وهذا القرار سيتبعه تغيير شامل فى الإستراتيجية العسكرية لما يتم الآن على الأراضى الأوكرانية.
ولفت إلى أن هذا القرار سيعطى الحق الكامل لروسيا فى تدمير الدولة الأوكرانية بأى طريقة كانت، ونقصد هنا استخدام أسلحة غير تقليدية لم تستخدم من قبل ضد الأراضى الأوكرانية.أما بالنسبة للاحتمال الآخر هو احتمال أن الجانب الأوكرانى أو الغربى سيضغط على أوكرانيا من أجل إيقاف العمليات العسكرية على أراضى هذه المناطق الأربعة.
وأضاف أن هذا الامر سيعطي قرار غربي أوكراني بوقف الأعمال العسكرية من اجل عدم جر الأمور الي حرب مباشرة او مسألة اعلان الامر بشكل كامل، لأن هذا الأمر سيعنى بوادر حرب عالمية كبري وهذا الأمر ليس بعيدا خصوصا بعد ما تم من تفجير خطوط الغاز "نورد ستريم 1"، موضحا أن هناك حديث عن ان عملية التفجير هذه تقف ورائها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى طبقا للرواية الروسية، لذلك سنكون امام وضع صعب للغاية بعملية الضم هذه، والتي يبدو أنها كانت تعتبر القرارات ما قبل الاخيرة للاتحاد الروسي.
واختتم: “سنكون علي موعد مع نتائج راديكالية منتظرة جراء هذا الضم ما بين مفاوضات او مسألة التدمير الكامل لأوكرانيا لأن عملية التدمير ستعني انهاء هذه الحرب بشكل او بأخر، وبالطبع سيكون هناك رد أوكراني وغربي علي عملية الضم وسيكون في شكل عقوبات اقتصادية لان الغرب لا يستطيع فعل اكثر من ذلك”.