تجار الأزمات!
نعود لتجار الأزمات والأسعار الملتهبة وما أدراك ما الأسعار وتقلباتها التي لا حديث للسوشيال ميديا وداخل الحجرات المغلقة إلا عن قفزاتها المتتالية نتيجة الأزمات العالمية، وما تركته من تأثيرات سلبية على الأوضاع الاقتصادية وما تبعها من موجات تضخم وارتفاع في الأسعار بلا هوادة، بشكل مخيف في العالم كله وفي مصر بحسبانها جزءًا من هذا العالم.. بل لعلها كانت أكثر تأثرًا بحرب أوكرانيا لكونها الأكثر استيرادًا للحبوب من البلدين المتحاربين وهذا أمر طبيعي..
زيادة غير مبررة
لكن بعض زيادات الأسعار كان مبالغًا فيها وغير منطقية بالأساس؛ ذلك أن بعض التجار عمدوا في غيبة الرقابة إلى رفع أسعار سلع استهلاكية حتى من قبل أن تتأثر فعليًا بأحداث تلك الحرب.. والأكثر غرابة أن بعض السلع المنتجة محليًا استبق أصحابها الأحداث فرفعوا أسعارها فور أن درات عجلة الحرب الأوكرانية التي هي بريئة كل البراءة من تلك الزيادة؛ الأمر الذي أرهق المواطنين لاسيما الفقراء ومحدودو الدخل دون داعٍ لمجرد أن شرذمة من الجشعين أرادوا التربح من الأزمة حتى ولو على السلم الاجتماعي.
صحيح أن هناك تحركات جادة من الحكومة للسيطرة على الأسعار ومواجهة أي تلاعب فيها أو احتكار لها.. لكن المعادلة لها أكثر من طرف وقد يكون المواطن نفسه سببًا في اصطناع تلك الزيادة، حين يتكالب على شراء سلعة لمجرد شائعة تقول إن سعرها سوف يزيد وهو ما يرفع ثمنها بالفعل وفقًا لقانون العرض والطلب.. ولو أن المواطن تريث قليلًا وقاطع هذه السلعة أو تلك لبعض الوقت في محاولة لترشيد الاستهلاك وقطع الطريق على المحتكرين ما تمكن الأخيرون من التلاعب في الأسعار والمتاجرة في قوت الغلابة.. لكنها فوضى الاستهلاك وغياب الوعي والردع.
ولا بديل والحال هكذا عن إيجابية المواطن في التعامل مع الأسواق بوعي ورشد، جنبًا إلى جنب إحكام الرقابة على السوق، والردع الفوري لكل من تسول له نفسه ممارسة الاستغلال والاحتكار.. فلم يعد مستساغًا في ظل ما يعانيه المواطن من تضخم مستورد وما تبذله الدولة من جهود ملموسة في توفير مختلف السلع عبر منافذ كثيرة هنا وحرص الرئيس على توفير رصيد احتياطي استراتيجي من السلع الأساسية تكفي لنحو ستة أشهر ثم يخرج بعض بني جلدتنا ليرفع الأسعار ويضاعف المعاناة برعونة وانتهازية تتسبب في تعكير الصفو وزيادة العبء على الدولة والمواطن معًًا لتحقيق مكاسب شخصية ضيقة.