رئيس التحرير
عصام كامل

التحديات العصرية

يواجه الإنسان اليوم ثلاثة منغصات هي الضوضاء والزحام والترفيه.. تعالوا نلقي الضوء على كل واحدة منها في السطور التالية وأثرها على الحضارة اليوم.. 

الضوضاء


يحتاج الإنسان إلى فترات من الراحة كل يوم لتهدئة أعصابه والراحة أى يحتاج إلى الهدوء، والعكس صحيح.. ففى الضوضاء لا يستطيع الإنسان أن يريح أعصابه بل يصبح متوترا، وللاسف الشديد تعانى المدن وبعض القرى الآن من ضوضاء شديدة من أصوات آلات التنبيه المزعجة، بالرغم من أن إدارة المرور منعت هذه الضوضاء وتغرم صاحب السيارة الذى يكثر من استعمال آلات التنبيه.. حتى المحلات والمقاهى التى تستخدم السماعات الحديثة (الصب) في إذاعة الأغانى وغيرها بصوت مرتفع..

 

 ثم مكبرات الصوت المستخدمة من قبل البائعة المتجولين والتوكتوك، وسماعات الدى جى فى السيارات وفى المناسبات وفى الافراح وسرادقات العزاء.. الخ، كلها مسببات ضوضاء تجعل الإنسان لا يجد الراحة فى منزله، فضلا عن الإزعاج الشديد الذى يصاب به المرضى وكبار السن، وحتى الطلاب لا يستطيعون التركيز فى المذاكرة.


الزحام
 

إن أعداد السكان يزداد بشكل كبير جدا في مصر بصفة خاصة والعالم بصفة عامة، ويقال أن كل ثانية يولد حوالى 25 طفل على مستوى العالم، وترتفع هذه النسبة وتنخفض من بلد لآخر بسبب التوعية والثقافة الموروثة فى تحديد النسل من عدمه.. وتنتاسب رفاهية الإنسان مع معدلات النمو السكانية، فكلما زاد معدل النمو كلما انخفضت الرفاهية أو معدل الدخل السنوى للفرد، لذلك تحرص بعض الدول على دراسات دقيقة وتنظيم الأسرة حسب إمكانياتها المتاحة..

 

فالاعداد الكبيرة فى الفصول التعليمية تجعل التلميذ أو الطالب لايستوعب شرح الدرس جيدًا، ولا المعلم فى فصله لا يستطيع أن يتابع مدى إستيعاب تلاميذه، لأنه لا يستطيع أن يسأل خمسون تلميذًا أو أكثر في الحصة ووقت الحصة محدود ولكنه يستطيع أن يتابع مع خمسة وعشرون طالبًا، وهذا يحتاج إلى بناء مئات بل آلاف من المدارس الجديدة، لكى يكون عدد الطلبة مناسبا فى الفصول..

 

وما يقال عن المدارس يقال أيضًا عن المخابز، والمستشفيات والمراكز والوحدات الطبية بالقرى والنجوع برفع كافة الإمكانيات اللازمة من رعاية وأدوية وأطباء لعلاج المواطنين.. ناهيك عن باقى الإحتياجات الضرورية للحياة الكريمة.. لذلك أنشأت معظم دول العالم مؤسسات لتنظيم النسل لتوعية أفراد الشعب بتنظيم الأسرة، وكل شخص حسب مقدرته وإمكانياته المالية والصحية والأجتماعية، فتنشئة طفلين نافعين للمجتمع وللأسرة وللعائلة أفضل بكثير من عشرة أولاد لا يستطيع الأب أن يصرف على تنشئتهم وتعليمهم وتربيتهم التربية السليمة، فنجدهم عبئًا على الأسرة والمجتمع والدولة.. 


الترفيه


يختلف مفهوم الترفيه من شخص لآخر.. فالبعض يعتقد أن الترفيه هو سعادة جسدية أو نفسية بالذهاب إلى الملاهى أو الكافيهات أو أماكن اللهو وتعاطى المشروبات الروحية أو تعاطى المخدرات وشرب الأدخنة المختلفة.. ولكن الترفيه فى العقيدة العالمية يختلف تمامًا عن الترفيه فى العقيدة الدينية، الترفيه فى العقيدة الروحية يأخذ شكلًا آخر ومفهومًا روحيًا نهايته خلاص الإنسان من الناحية الأبدية..

 

فالإنسان المؤمن يتهم بالترفيه الروحى أكثر بكثير من الترفيه الجسدى أو النفسى، وذلك بالرحلات إلى الأماكن المقدسة التى يذكر فيها إسم الله القدوس.. فتسمو نفسه وتنتعش روحه، فالإنسان الذى يصنع الخير مع الناس يشعر بفرح وسلام داخلى.. والذى يشارك الناس فى همومهم وأحزانهم ومشكلهم يشعر بمحبة الله معه.. 

 

 

فالسعادة الحقيقة هى وجدان الفرح الدائم داخله، وليس الفرح الوقتى الموجود فى العالم.. نعم الإنسان محتاج إلى راحة وتغير جو مناخى صحى فى بعض الإماكن الترفيه العامة مثل المصايف أو الحدائق أو الأماكن الراقية ذو الهدف، ويبعد عن الترفيه الذى ليس له هدف والذى قد يضره بعد ذلك اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو اخلاقيًا.
إن العالم يقدم أشكالًا متنوعة ومغرية للترفيه.. ولكننا يجب أن نميز تمامًا ماهو نافع وما هو ضار أو مضيعة للوقت، فالوقت يمضى والأبدية تقترب فيجب علينا أن نعيش فى هذا العالم ولا نجعله يعيش فينا.

الجريدة الرسمية