الرحمة المهداة.. الدروس المستفادة من ذكرى المولد النبوي الشريف
المولد النبوي الشريف.. تعد ذكرى المولد النبوي الشريف من المناسبات الدينية الغالية على قلوب المسلمين فيحتفل المسلمون في شتى بقاع الأرض بذكرى ميلاد أَبُو القَاسِم مُحَمَّد بنِ عَبد الله بنِ عَبدِ المُطَّلِب رسول الله إلى الإنس والجن أُرسِله الله ليعيدهم إلى توحيد الله وعبادته شأنه شأن الأنبياء والمُرسَلين كافة، وهو خاتمهم.
الدروس المستفادة من المولد النبوي الشريف
وأوضحت دار الإفتاء المصرية، إن الدروس المستفادة من ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أكثر من أن تحصى أو تُعدَّ، وحسبنا منها ما يعيننا على تحمل مشاق الحياة وقسوتها؛ ذلك هو الصبر الذي ردده ربنا سبحانه وتعالى على مسامع نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في كثير من آيات القرآن الكريم، وجعله من أخلاقه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فما أكثر ما قال له ربه عز وجل: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ﴾ [النحل: 127]، ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: 5]، ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35].
ذكرى المولد النبوي الشريف
وأكدت الدار، أن الصبر نصف الإيمان، ولذا فإن الصابرين يوفون أجرهم بغير حساب كما أخبر بذلك رب العالمين، ثم هناك لهذه الذكرى العطرة دروس العزة والكرامة والإباء والنجدة والشهامة، وهناك دروس جهاد النفس بالتحلي بما يدعو إليه من الأخلاق والآداب فتحسن بذلك صورة الإسلام والمسلمين ويعلو شأننا في العالمين.
وبينت أن هناك دروس الدفاع عن الحق، ونصرة المظلوم، ويا ليت المسلمين يعرفون هذه الدروس ويعملون بها وتتحد كلمتهم حولها، وبهذا نحقق الاستفادة من دروس ذكرى المولد النبوي الشريف والاحتفاء به في كل مكان بما يناسب الحال والمقام الكبير والكريم.
حكم الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف
وفي ذات السياق استقبلت دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول "ما حكم الاحتفال بالمناسبات الدينية المختلفة؛ كالاحتفال بليلة القدر، والإسراء والمعراج، والمولد النبوي الشريف وغيرها؟
وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن الاحتفال بالمناسبات الدينية أمرٌ مستحبٌّ مشروعٌ لا كراهةَ فيه ولا ابتداع، بل هو من تعظيم شعائر الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32]، ولهذه الاحتفالات من الآثار النفسية والتربوية على أفراد المجتمع وأطيافه ما يعود بالنفع العظيم على تثبيت الهُوية الوطنية والدينية في نفوسهم.
وأوضحت، أن الاجتماع لتلك الاحتفالات فيه من التواصل والصلة والبر ما يدرأ كثيرًا من الشر الذي يأتي من وراء الانعزالية والفردية، ويحصل من منافع أضحت المجتمعات في أشد الاحتياج إليها؛ فهي أيضًا فرصة حضارية لإطعام الطعام ونشر السلام وصلة الأرحام.
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي
وورد الشرع الشريف بالأمر بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله عز وجل: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللهِ﴾ [إبراهيم: 5]، وجاءت السنة الشريفة بذلك؛ فروى الطبراني في "المعجم الأوسط" عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا».
الاحتفال بالمولد النبوي
وفي خصوص مشروعية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكذا بنزول الوحي عليه: أخرج الإمام مسلم في "صحيحه"، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ-».
وأكدت دار الإفتاء المصرية، أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
وأضافت دار الإفتاء، بأن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف شاهدٌ على الحب والتعظيم لجناب سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفرح به، وشكرٌ لله تعالى على هذه النعمة. وهو أمرٌ مستحبٌّ مشروعٌ، ودرج عليه المسلمون عبر العصور، واتفق علماء الأمة على استحسانه.
وأكدت دار الإفتاء، أن المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي: أن يقصد به تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، والصيام والقيام؛ إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانًا للفرح بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا.
وعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنَّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلَّا فلا» رواه الترمذي. فإذا جاز ضرب الدُّفِّ فرحًا بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم سالِمًا، فجواز الاحتفال بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم للدنيا أولى.
وأشارت إلى أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو الاحتفاء به، وهو أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، وقد درج سلفنا الصالح منذ القرنين الرابع والخامس الهجريين على الاحتفال بمولد الرسول صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح.