في ذكرى وفاة خالد صالح.. هذا ما تركه "الشيخ جعفر" ورائه
في فجر الخميس الموافق 25 سبتمبر من عام 2014، رحل عن عالمنا القطعة الأغلى والأهم في السينما المصرية خلال الألفية الجديدة، قطعة البازل المنقوصة في اللعبة بالنسبة للجيل الجديد، جيل السقا وعز وكريم عبد العزيز، الجيل الذي كان يبحث عن عرابه حتى وجد ضالته في خالد صالح.
خالد صالح الذي رحل عن عالمنا في ذلك اليوم على إثر تدهور حالته الصحية، بعد إجرائه لعملية في القلب أدت إلى وفاته، في خبر أحزن جميع عشاق السينما المصرية، ونزل على رأس الجميع كالصاعقة.
كم كنا نتمنى أن يستمر خالد صالح لسنوات وسنوات يمعتنا أكثر وأكثر ولكنها إرادة الله الذي لا راد لقضائه، ولكن على الرغم من ذلك فإن ما تركه خالد صالح ورائه من إرث فني ليس بالقليل، فالأعمال التي شارك فيها 57 عمل فني متنوع، بدأها بتجسيد شخصية مأمون الشناوي في مسلسل “أم كلثوم”، وأنهاها بشخصية “الشيخ جعفر” في الجزء الثاني من فيلم “الجزيرة” وكان مسك الختام.
كان خالد صالح يستمد تميزه وتفرده الفني من إتقانه لتجسيد كل الشخصيات المختلفة، الطيبة والشريرة، الهادئة والإنفعالية، المحبة والكارهة، الواضحة والغامضة، كل الأنماط والأشكال المتخلفة تمكن من تجسيدها بتركيباتها النفسية الصعبة وكأنه هذا هو الشخص نفسه الذي يظهر في الفيلم وليس مجرد مؤدي لتلك الشخصية.
هذا الرجل الذي أبدع في تجسيد شخصيات مأمون الشناوي في “أم كلثوم” وصلاح نصر في “جمال عبد الناصر”، وأحمد الريان في مسلسل “الريان”، ذلك في مسلسلات السيرة الذاتية.
ولكنه أبدع أكثر وأكثر في مسلسلات وأفلام أخرى، وأبرزها والذي يأتي على رأسك مباشرة دور أمين الشرطة “حاتم” في فيلم “هي فوضى”، تلك التحفة الفنية التي قدمها خالد صالح بمفرده، وكأنه يقدم فيلم خاص به بداخل الفيلم نفسه، شخصية تمكن منها خالد صالح بكل تفاصيلها النفسية المعقدة ونقصها النفسي، ونجاحه في الخروج بها للجمهور في هذا الشكل.
ربما يأتي على رأسك شخصية “الشيخ جعفر” أخر شخصية قدمها خالد صالح، تلك الأفعى التي ظهرت في شكل إنسان في الجزء الثاني من فيلم “الجزيرة”، ذلك الفيلم الذي قدمه وهو يعاني من المرض، ولكن هذا لم يظهر عليه أبدًا.
وبالطبع لن ينسى أحد أهم وأول دور ساعد في بروز شخصية خالد صالح الفنية، العميد رفعت السكري بجهاز أمن الدولة صاحب المقولة الخالدة “أنا بابا يالا” في “تيتو”، وهي الشخصية التي أعلنت عن وصول جوكر جديد لصالة كبار الزوار في السينما المصرية.
ومنها إنطلق إلى أدوار أعظم وأعظم مثل “كمال الفولي” في “عمارة يعقوبيان”، “منتصر” في “ملاكي إسكندرية”، “عمر حرب” في"الريس عمر حرب"، “فتحي” في “الحرامي والعبيط”، “فرعون” في “فرعون”، “حسن” في “فبراير الأسود”، “فرج خنزيرة” في “أحلام عادية”، وهذة مجرد أمثلة لأدوار رائعة قدمها لن تنسى، ولكن الكلام عن شخصيات خالد صالح تحتاج إلى كتاب كامل يسرد ويحلل كل شخصية.
لم تأتِ أهمية خالد صالح من كونه فنان كبير متمكن فقط، ولكن كونه واحدًا من مساندي أبطال جيل الألفية الجديدة، قبل أن يبدأ مشوار البطولة المطلقة وحده في آخر مشواره الفني.
كون خالد صالح ثنائيات مع أحمد عز وأحمد السقا ومصطفى شعبان وقدم مع كلًا منهم أكثر من عمل ناجح، وخلال كل عمل كان يقدم شخصية مميزة عن غيرها، وكان مساند لهم وعنصرًا بارزًا في نجاح أفلامهم وزيادة شعبيتهم رحمة الله عليه، وهم يعترفون بذلك كلما حانت فرصة للحديث عنه.. “اللي مالوش خير في خالد صالح.. مالوش خير في السينما”.