أول من رتل القرآن على نهر التايمز.. وصية الشيخ محمود الحصري الأخيرة
تحل اليوم ذكرى ميلاد الشيخ محمود خليل الحصري، شيخ عموم المقارئ المصرية، وأحد أبرز القراء في دولة التلاوة والذي ولد بقرية شبرا النملة، إحدى قرى مركز طنطا بمحافظة الغربية.
التحق الحصري بالأزهر الشريف، وتعلم القراءات العشر، وحصل على شهادة في علوم القراءات، وتقدم إلى إذاعة القرآن الكريم عام 1944، وجاء ترتيبه الأول من بين القراء الذين دخلوا الاختبارات.
بعد 16 عامًا من التحاقه بالإذاعة، عين شيخًا لعموم المقارئ المصرية عام 1960، وفي عام 1961 كان أول قارئ في العالم يسجل المصحف المرتل برواية حفص عن عاصم، ثم برواياته المختلفة، وفي عام 1967 انتخب رئيسًا لاتحاد قراء العالم.
وفي عام 1973 قام الشيخ محمود خليل الحصرى، أثناء زيارته الثانية لأمريكا بتلقين الشهادة لثمانية عشر رجلا وامرأة أمريكيين أشهروا إسلامهم على يديه بعد سماعهم لتلاوته القرآن الكريم، وفي عام 1977 كان أول من رتل القرآن الكريم في أنحاء العالم الإسلامي في الأمم المتحدة أثناء زيارته لها بناء على طلب جميع الوفود العربية والإسلامية.
وكان الشيخ الحصري أول من رتل القرآن الكريم في القاعة الملكية وقاعة هايوارت المطلة على نهر التايمز في لندن ودعاه مجلس الشؤون الإسلامية إلى المدينتين البريطانيتين ليفر بول وشيفلد ليرتل أمام الجاليات العربية والإسلامية في كل منهما، أيضا أول من ابتعث لزيارة المسلمين في الهند وباكستان وقراءة القرآن الكريم في المؤتمر الإسلامي الأول بالهند.
من مؤلفاته "أحكام قراءة القرآن الكريم، القراءات العشر من الشاطبية والدرة، معالم الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء، الفتح الكبير في الإستعاذة والتكبير، مع القرآن الكريم، نور القلوب في قراءة الإمام يعقوب، السبيل الميسر في قراءة الإمام أبى جعفر، النهج الجديد في علم التجويد، رحلاتى في الإسلام".
اكتسب صوت الشيخ الحصري شهرة واسعة في كل دول العالم، وبلغ تأثيره مداه، وأسلم لمجرد سماعه أعداد غفيرة في كافة الأنحاء والبلدان، ويبقى أحد أكثر الأصوات حضورًا وتأثيرًا إلى الآن، من خلال إذاعة القرآن الكريم، فهو أحد حبات عقد القراء الخمسة العظام، مع كل من الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، ومحمد صديق المنشاوي، ومصطفى إسماعيل، ومحمود علي البنا، رحمهم الله جميعا.
وتسترجع ياسمين الحصري ذكرياتها مع الوالد قائلة: منذ أن فتحت عيني على الدنيا وجدت أبي الذي كانت كل حياته حكمة وروية وفهم صحيح وحكيم للدين، ومنذ الطفولة كانت حياته كلها تواضع شديد، وأسلوبه في الحياة بسيط وسهل وميسر، والبشاشة كانت لا تفارقه أبدا، والعطاء كان شيئا يعجز اللسان عن وصفه.
واضافت: حينما كان يأتيه سائل لا يمكن أن يرفض له طلبا، وكان دائما ما يخلع ما يرتدي لمن يطلب منه الجلباب أو العمامة الأزهرية حتى لا يظن السائل أنه سيأتي بشيء قديم، وكان يهدي مصحف لكل زائر ويقول لي: «يا بنتي لعل أحدا يفتحه ويعمل بآية فيه.. فأهم شيء هو العمل والتطبيق والفهم الصحيح للدين، وكان دائما ما يعلمنا أدب الصدقة من خلال مجالس العلم التي كانت يحضرها علية القوم، ورقيقو الحال والغلابة.. حيث يترك لهم الصدقة في المصحف بداخل ظرف حتى لا يجرح الآخرين والإطعام كان من خلال مائدة تعمل باستمرار.
وكان الشيخ الحصري، رحمه الله، قبل وفاته حريصا على تشييد مسجد ومعهد دينى ومدرسة تحفيظ بمسقط رأسه قرية شبرا النملة.
وأوصى في خاتمة حياته بثلث أمواله لخدمة القرآن الكريم وحُفَّاظه، والإنفاق في كافة وجوه البر، إلى أن توفى مساء يوم الإثنين 16 محرم سنة 1401 هـ، الموافق 24 نوفمبر 1980، بعد صلاة العشاء، بعد أن امتدت رحلته مع كتاب الله الكريم ما يقرب من خمسة وخمسين عامًا.