رئيس التحرير
عصام كامل

البندقية.. نساء وجمال ودماء

عارض المدير الفني لمهرجان البندقية السينمائي الدولي، ألبرتو باربيرا، الحركة النسوية العالمية “مي تو”، المناهضة للتحرش بالنساء والتمييز ضدهن في صناعة الترفيه، إن كان في هوليوود أو أوروبا بشكل عام، معتبرا أنها ترهيبية ولن يغير من أجلها قواعد المهرجان، ولن ينحاز إلا للإبداع السينمائي، رغم اعترافه بكثير مما ذكرته الحركة النسوية.


أيدت ألبرتو باربيرا في موقفه أيقونة السينما الفرنسية كاثرين دونوف، لأن العلاقات تتم برضا الطرفين ولا اعتداءات في صناعة الفن والترفيه، ولامت الحركة النسوية لأن عضواتها التزمن الصمت حتى حققن النجومية، التي من أجلها وافقن على تلك العلاقات.


معارضة ألبرتو باربيرا، الحركة النسوية لم تمنع احتفاءه بالمبدعات وتقديمهن على الرجال في جوائز مهرجان السينما الأقدم في العالم، كما توج كاثرين دونوف، في دورته المنتهية مطلع الأسبوع، بجائزة الأسد الذهبي لإنجاز العمر، واختار لرئاسة لجنة التحكيم الأميركية جوليان مور، التي منحت النساء أبرز الجوائز.

 

احتفاء كبير شهدته منصات الميديا بتتويج النساء بجوائز الدورة الـ 79 من مهرجان البندقية، خصوصًا أن جائزة الجمهور ذهبت إلى الفيلم السوري نزوح للمخرجة سؤدد كعدان، عن معاناة النازحين خلال سنوات الحرب. لكن كثير من السوريين لم يعجبهم طرح الفيلم، لاسيما ملابس كندة علوش، باعتبار أن غالبية النازحات محتشمات في إشارة إلى ملابس كندة علوش شبه العارية في الفيلم.

نان جولدن

سلّط البندقية، الضوء على أزمة الأفيون، في الولايات المتحدة ومنح جائزة الأسد الذهبي للفيلم الوثائقي “كل الجمال وإراقة الدماء” عن حياة المصورة نان جولدين (68 عامًا)، وكفاحها ضد الجريمة الصحية في الولايات المتحدة. ومنحت لجنة التحكيم برئاسة جوليان مور، أرفع جائزة في المهرجان للمخرجة لورا بويتراس، في ثالث تتويج على التوالي للنساء، بعد الفرنسية أودري ديوان العام الماضي عن فيلم الحدث" والصينية الأميركية كلويه تشاو عن فيلم أرض الرحل في 2020.

 

يتناول الفيلم سيرة نان جولدين، المعروفة بتصوير المهمشين في نيويورك. وقد خاضت نان غولدين معركة غير متكافئة ضد منتجي الأفيون، وهي مسكّنات تسببت بإدمان الملايين، ولهذا كرّست المصورة التي اقتربت من الموت بسبب إدمانها، سنوات من عمرها ضد عائلة ساكلر الثرية، التي كانت تنتج أفيون الأوكسيكودون وأدت إلى موت نصف مليون مواطن في السنوات الأخيرة.
وقالت المخرجة لورا بويتراس، عند تسلمها الجائزة الرفيعة "عرفتُ أشخاصًا كثيرين يتمتعون بالشجاعة، لكن لم أعرف أحدًا مثل نان جولدين، التي كافحت ضد هذه العائلة بالغة النفوذ".

 

وفازت بجائزة التمثيل الأسترالية كيت بلانشيت، عن فيلم "Tar" في حين فاز بجائزة أفضل ممثل الأيرلندي كولين فاريل، عن دوره في الكوميديا المأساوية "The Banshees of Inisherin".
ونال جائزة الإخراج الإيطالي لوكا جوادانيينو بفيلم "Bones and All" عن قصة حب أحد طرفيها من آكلي لحوم البشر، وحصدت نجمته الشابة تيلور راسل، جائزة أفضل ممثل أو ممثلة ناشئين. بينما ذهبت جائزة السيناريو إلى مارتن ماكدوناه عن فيلم "The Banshees of Inisherin" الذي أخرجه أيضًا.

رسائل سياسية

 

لم تغب الرسائل السياسية عن مهرجان البندقية، الذي منح جائزة خاصة من لجنة التحكيم إلى المخرج الإيراني المسجون في طهران جعفر بناهي، والذي تناول في فيلمه الدببة غير موجودة، قصة مبدع محتجز في بلاده، وهو مضمون يتماهى مع واقعه، وعن طريق الجائزة ندد المهرجان بالقمع والرقابة والسلطة الغاشمة في إيران.

 

أرادت منصة نتفليكس تعويض خروجها خالية الوفاض من مهرجان كان، بنيل جوائز في مهرجان البندقية لكن لجنة التحكيم لم تمنحها شيئًا رغم مشاركتها بأربعة أفلام.

 

تميزت أيام مهرجان البندقية وتزين بساطها الأحمر بتواجد نسائي كبير من نجمات هوليوود والسينما الأوروبية، وكان لافتًا حضور مرشحة الرئاسة الأميركية السابقة هيلاري كلينتون، حفل الافتتاح، وقد تخلت عند مرورها على البساط الأحمر عن الإطلالة الرسمية واختارت قفطان مغربي يناسب أجواء الصيف مع حذاء مسطح مريح، وبحضورها المهرجان تبدأ هيلاري مسيرتها في صناعة الترفيه مثلما فعل أوباما وزوجته ميشيل، حيث أنتجت هيلاري وابنتها تشيلسي كلينتون مسلسل وثائقي بعنوان "Gutsy" من 8 حلقات عن قصص النساء الجريئات والشجاعات.

 


أما كاثرين دونوف، الفائزة بجائزة الأسد الذهبي لإنجاز العمر بناء على اقتراح مدير المهرجان ألبرتو باربيرا، فلها تاريخ طويل مع مهرجان البندقية، يعود إلى العام 1967 عندما نالت جائزة الأسد الذهبي عن فيلم "Belle de Jour"، ثم كأس فولبي، أفضل ممثلة عن فيلم "Place Vendome" العام 1998. وشكرت دونوف المهرجان الذي رافق مسيرتها منذ الستينات.

لم يخل مهرجان البندقية من مطبات، خصوصًا فيلم الافتتاح الأمريكي صخب أبيض إخراج نواه بومباك، إذ خيّبٌ التوقّعات وشكل بداية محبطة لمهرجان عريق تجيد إدارته اختيار الأفلام المشاركة، والتي تتميز بالعمق والإنسانية والمتعة، وهو ما توفر في أفلام مسابقتي آفاق وأيام المؤلفين.

الجريدة الرسمية