الكبرياء الوطني يحتم القول:
رحلت الملكة.. وعاشت بورسعيد!
كانت هي الملكة المقصودة بالجملة الشهيرة "باسم حكومة جلالة الملكة".. التي جاءت الطائرات والأساطيل تعتدي علي بلادنا ممهورة بتوقيعها! رحل رؤساء وزراء بريطانيا العظمى من إيدن إلي جونسون ومن تاتشر إلى براون.. وبقيت الملكة لتكون آخر عناوين العدوان.. ولكن ستبقى بورسعيد خالدة إلى الأبد.. في التاريخ وفي ضمير كل أحرار العالم!
نعم الحياة والموت في يد الله وحده.. ونعم الملكات والملوك في المملكة المتحدة يملكون ولا يحكمون.. لكننا كشعب لسنا مرغمين في الالتزام بمجاملات لا معنى لها.. الحكام والمسئولون يفعلون ذلك بحكم أعراف وتقاليد دبلوماسية وسياسية لكن للشعوب دائما حسابات أخرى.. كمثل حال التطبيع مع إسرائيل.. تلتزم الدولة ومؤسساتها بالمعاهدات معه وللشعب فيها رأي آخر!
ليست شماتة
في عدوان ٥٦ خرج الآلاف من البريطانيين يتظاهرون ضد العدوان.. يرفضون الاستقواء علي شعب كل جريمته أنه أراد الإستقلال والكرامة والحرية.. رفعوا شعارات تؤيد المعني السابق.. وهتفوا يطالبون بوقف الحرب.. ثم هتفوا فيما بعد يطالبون بمحاسبة حكامهم ممن تسببوا في فضيحة بورسعيد وسقوط اكذوبة ما أسموه العالم الحر.. وحتي سقط إيدن فعلا! ولهؤلاء وأولادهم وأحفادهم نقدم التعازي.. ونشاطرهم الأحزان فقد قدم بعضهم العزاء أيضا في شهداء بورسعيد وشاطروا شعبنا أحزانه..
هذه السطور لا تحتاج إلي التأكيد أنها لبست شماته طبعا لا سمح الله.. لكن البعض من منخفضي الذكاء يحتاجون -إليهم نكرر- هذه السطور ليست للشماتة حاشا لله.. فلم نفعل -ولن نفعل- ذلك حتي ضد الإرهابيين.. فذلك يخالف تعاليم ديننا وقيم مجتمعنا.. إنما محاولة للتذكير بتاريخنا القريب.. فقد آن الأوان أن يتعصب المصريون لأنفسهم.. ولتاريخهم.. ولوطنهم طبعا..
آن الأوان ألا ننسي من أساء إلي أجدادنا.. مهما كانت درجة الإساءة وحجمها.. ليس ذلك طبعا تجديدا لخلافات ونزاعات.. فقد انتهت صور الاستعمار القديم إلى غير رجعة.. وحصلت مصر على حق شعبها المسلوب بتأميم قناة السويس ثم بتمصير الشركات والبنوك الأجنبية.. إنما هذه السطور ليست إلا إحياء لما حاول البعض في سنوات غابرة أن يمحوه من قاموس المصريين.. الكبرياء الوطني.. وكل مرة يضرب أبناء شعبنا خصوصا بسطاؤه.. المثل في إحياءه على طريقتهم!