سيد درويش.. الأزهري الذي خلع العمة والقفطان ليحترف الغناء في مقاهي وحانات الشام
عشق الموسيقى واعتبرها رسالة سامية عبر بها عن الإنسان المصري البسيط ومدى معاناته في الحياة، ومن هنا لقب بفنان الشعب، هو مجدد في الموسيقى العربية، غنى ضد الاحتلال وغنى للطوائف المختلفة من الشعب، في مثل هذا اليوم 10 سبتمبر 1923 رحل صوت الشعب سيد درويش الذي غنى “ قوم يا مصري مصر دايما بتناديك”.
يقول سيد درويش عن نفسه: أنا موسيقى الجماهير المضطهدة، وموسيقاي تمثل صراخهم وآمالهم وأحلامهم وآلامهم.
ولد الموسيقار سيد درويش 17 مارس 1892 بحي كوم الدكة بالإسكندرية حيث يسكن البنائين والنجارين والنقاشين وعمال البناء، أراد أبوه أن يراه شيخا معمما يحفظ القرآن ويجوده فالتحق بكتاب القباري حتى إنه فى سن العاشرة أجاد القراءة والكتابة وحفظ أغلب أجزاء القرآن.
البداية مع سلامة حجازي
وعندما رحل والده وكان طالبا بالمعهد الدينى ترك الدراسة للمساهمة في إعالة أسرته وعمل في بدايته عامل بناء وعشق الغناء فغنى للعمال ليزيد حماسهم، ثم ألقى بالقصعة وقرر احتراف الغناء وطاف البلاد والقرى وغنى في الموالد والمقاهى ووصلت شهرته إلى الشيخ سلامة حجازي فأعجب به ودعاه لزيارة القاهرة وأنشد أغانيه لجمهور القاهرة فلم ينتبه أحد لموهبته فعاد إلى الإسكندرية، ولإيمانه بموهبته أسند سلامة حجازي إليه تلحين مسرحية "فيروز شاه" لفرقة جورج أبيض فكانت بداية انطلاقه.بعدها لحن وغنى عشرين أوبريتا منها الباروكة والدرة اليتيمة.
القلل القناوى
أيضا تعاقد مع نجيب الريحانى على تلحين أوبريت "ولو"ليشتهر بعدها بأغانى الحرفيين كالسقايين والبناءين والنجارين وغيرهم، والتقط أغلب الحانة من أفواه الشعب فقد سمع مرة عند مروره بحى بولاق بائعا صعيديا ينادى على بضاعته فطلب من صديقه الزجال بديع خيري أن يضع له كلمات الاغنية على وزن النداء الذى سمعه.. وكان ذلك هو ميلاد اللحن المشهور (مليحة قوى القلل القناوي ).
ثم أعد مع خيرى أيضا مسرحية العشرة الطيبة ثم سافر معه الى الشام عاد منها الى الإسكندرية بعد أن خلع العمة والقفطان ليعمل مغنيا محترفا يغنى فى المقاهى والحانات، وتعرف على مهندس ـ أيمن العريان ـ عاشق للموسيقى ساعده على تعلم النوتة الموسيقية.
وقدم خلال مسيرته الفنية التي استمرت 6 سنوات فقط مايقرب من 200 لحنا و20 أوبريتا و10 أدوار، 17 موشحا وأكثر من 50 مقطوعة غنائية، وفجأة ابتعد وفضل العزلة.
روائع ألحان سيد درويش
من كلمات الزجال بيرم التونسي غنى سيد درويش "علشان نعلى ونعلى ونعلى..لازم نطاطي نطاطي نطاطي" وقال:الحلوة دى قامت تعجن في الفجرية..والديك بيدن كوكو فى البدرية، كما لحن لحن نشيد بلادى بلادى لك حبى وفؤادى من كلمات يونس القاضى، ومن أجمل ما غناه فنان الشعب:خفيف الروح بيتعاجب.. برمش العين والحاجب، وعن الهجر قال، الحبيب بالهجر مايل.. والفؤاد مايل اليه، وقال أيضا: أنا هويت وانتهيت وليه بقى لوم العزول، وفى النهاية قال: "زوروني كل سنة مرة حرام..تنسوني بالمرة أنا عملت إيه فيكم.. تشاكوني وأشاكيكم".
نهاية سريعة
وبينما استعدت مدينة الإسكندرية لاستقبال الزعيم سعد زغلول وهو عائد من المنفى استعد سيد درويش بنشيد “بلادي بلادي، سالمة ياسلامة روحنا وجينا بالسلامة”، إلا أنه رحل وهو في الواحد والثلاثون من عمره، في نفس يوم وصول سعد زغلول ليخلف وراءه تراثا موسيقيا يشهد بعبقريته الموسيقية في التلحين والغناء.