الزوجة المعاقة ومعاش الأب.. لغز قانوني (1)
افترضوا معي أن هناك فتاة معاقة، تتقاضى معاشًا عن والدها، الذي كان موظفًا بالحكومة أو القطاع الخاص، وأن تلك الفتاة تزوجت، هل تتغير حالتها من الإعاقة إلى السلامة الجسمية؟! أعني؛ هل يقضي الزواج على الإعاقة؟! طبعًا لا.. الغريب أن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 10 لسنة 2018، والذي صدر من أجل صالح المعاقين، تمنع الزوجة ذات الإعاقة من الحصول على معاش الوالد بعد زواجها! دعونا نحاول الإجابة عن التساؤل الكبير؛ هل تستحق الزوجة ذات الإعاقة الجمع بين معاشين، وهى ما زالت فى عصمة رجل؟
القانون 10 لسنة 2018
بعد أن صدر القانون رقم 10 لسنة 2018 فى فبراير 2018 وهو قانون حقوق الأشخاص من ذوى الإعاقة، والذى ألغى قانون تأهيل المعوقين الصادر بالقانون 39 لسنة 1975، وصدرت اللائحة التنفيذية له فى ديسمبر 2018، وبدأ العمل بها فى أبريل 2018.. أضاف القانون الجديد بعض المزايا للأشخاص من ذوى الإعاقة، مثل الجمع بين معاشين، كاستثناء من قواعد تطبيق جميع قوانين التأمينات والمعاشات منذ نشأتها.
وهذا الاستثناء منح الأشخاص ذوي الإعاقة الحق فى الجمع بين الدخل والمعاش، وإذا لم يكن هناك دخل سمح له بالجمع بين معاشين كمعاش الوالد أو الوالدة، ومعاش آخر مثل معاش الزوج أو الزوجة أو معاش الأبناء أو الإخوة، وقد استفاد الابن المعاق سواء كان متزوجًا أو غير متزوج من الجمع بين دخله ومعاشه عن والديه وعن الإخوة، وهى الميزة فى الجمع بين معاشين حددتها المادة 25 من القانون، ووضحتها المادة 67 من اللائحة التنفيذية رقم 2733 لسنة 2018، وكذلك منشور وزيرة التضامن رقم 15 لسنة 2020.
التطبيق العملي
ولكن فى التطبيق العملي، واجهت الزوجة المعاقة مشكلة أن من شروط استحقاق معاش الوالدين طبقا للمادة 100 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2019 ألا تكون متزوجة، والشرط ذاته كان فى جميع قوانين التأمينات السابقة على القانون 148 كالقانون 79 لسنة 75 وقانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة رقم 90 لسنة 1975 المعدل بالقانون رقم 99 لسنة 2018، وبذلك لا تستطيع الجمع بين أكثر من معاش أسوة بالرجل من من ذوى الإعاقة، فاللائحة التنفيذية خالفت القانون، وقصرت حق الجمع بين أكثر من معاش للزوج المعاق، دونا عن الزوجة المعاقة.
تبرير المسئولين
وقد برر المسؤولون منح الزوج المعاق دون الزوجة حق الجمع بين معاشين بأنه هو المسئول عن إعالة أسرته، ولا يجوز أن تتساوى الزوجة المعاقة معه، وأن المادة 25 من القانون 10 لسنة 2018 والمادة 67 من لائحته التنفيذية لا تخالف القواعد العامة فى استحقاق المعاش، وهو شرط ألا تكون البنت متزوجة سواء من ذوى الإعاقة أو غيرها.
الحل الحتمي الآن، هو أنه لابد من تعديل تشريعي، لإنهاء تلك الأزمة التى يعانى منها مئات الآلاف من ذوي الإعاقة. أتصور أن الزوجات المعاقات، وهن بالآلاف، لن يقفن بمفردهن دون مساندة من المجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، ومجلس النواب ذاته.. فلابد من دعم غير محدود، حتى يصلن إلى مبتغاهن، ويحصلن على حقهن، الذي كفله القانون، وسلبتهن إياه اللائحة التنفيذية في سابقة قانونية غير معهودة. وللحديث بقية..