فتنة خطبة الجمعة!
أحيانا أصاب بما يشبه الصدمة، إثر استماعي لخطبة الجمعة في بعض المساجد، الخارجة عن مظلة وزارة الأوقاف. في تلك المساجد يتناوب على إلقاء خطبة الجمعة أشخاص تتفاوت ثقافاتهم.. في بعض الأحيان لا يرقى مستواهم التعليمي والفكري إلى مكانة وأهمية إمامة المصلين، وإسماعهم نصائح وفتاوى، وقصص ورقائق، هي من الضعف بحيث يكون إلقاؤها على المنبر الذي ارتقاه خير خلق الله، سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وخلفاؤه الراشدون، وكبار الأئمة، ضربًا من المغامرة والعبث!!
منذ أيام أصغيت لخطبة، كان ملقيها يريد توجيه اللوم للشباب الذين يذهبون إلى الجامعات، وينشغلون بمتابعة الفتيات، والاهتمام بالجنس اللطيف عن دروسهم، ومحاضراتهم، فينتج عن ذلك علاقات مشبوهة، وتصرفات شائنة، ومنها جرائم القتل، والذبح التي تابعنا بعضها مؤخرًا.
ماذا قال الخطيب؟!
هذا ما أراد الخطيب توصيله للناس، فماذا قال؟! بدأ بالقول إن خير البشر، صلى الله عليه وآله وسلم، قبل الرسالة، كان يخرج للتأمل، والتفكر في الطبيعة، ولم ينشغل بالشهوات والغرائز؛ فصار مؤهلًا لتلقي الوحي، وحمل الرسالة، والقيام بأعباء النبوة. فأرسل الله، تعالى، الوحي وأنزل عليه القرآن الكريم، مستهلًا آياته الحكيمة بـ "اقْرَأْ".
معنى ما يقوله هذا الإمام أن التأمل وراء تأهيل سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وأن الطبيعة هي صاحبة الفضل في ارتقاء تفكيره، وأن المجال مفتوح، والفرصة متاحة لكل من يريد أن يرتقي بفكره ومداركه إلى مرتبة الإلهام وأستغفر الله من الاستطراد إلى منزلق كارثي.
ازدراء الدين الإسلامي
لو أمعن المصلون وركزوا فيما يهذي به الخطيب لاتهموه بالتجديف، ولوصموه بتهمة ازدراء الدين الإسلامي، والإساءة لرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم!! ولكن كان معظمنا شاردين، ولا أدري ما الذي جعلني أركز في كلام الرجل، رغم أن العادة في مثل هذه الظروف أن نصاب جميعًا بالسرحان والتوهان، ولربما غرقنا في السبات إن لم تكن الخطبة جميلة، وواضحة المعاني، ورائقة الكلمات، وتقدم دروسًا مفيدة للمستمعين، بعيدًا عن "اللت والعجن"، والإساءة إلى الدين الحنيف، ووصمه بالإرهاب، وتشويه التاريخ الإسلامي، والعجز عن رد الشبهات!!
مساجد العشوائيات
كثيرًا ما ينبري الأئمة والخطباء في المساجد الواقعة بالعشوائيات، وفي الزوايا الصغيرة أسفل العمارات، في سرد حكايات وقصص ما أنزل الله بها من سلطان، وحدث، أمامي، أن نشبت نزاعات واشتباكات لفظية وجسدية لأن الخطب فجرت خلافات بين جموع المصلين؛ فانقسموا بين رافض ومؤيد.. ويجدر بي أن أترفع عن شرح الأمثلة على ذلك؛ ففيه إساءات خطيرة للدين الإسلامي.
ما اتخذه وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، من قرارات بشأن توحيد الخطبة، وتحديد زمنها، كانت له آثار إيجابية على ما يحدث بالمساجد، ولكن المطلوب حاليًا هو بث متخصصين يعملون كشرطة سرية داخل المساجد، للتأكد من تطبيق تلك القرارات، وخاصة يوم الجمعة، حتى لا تتحول الخطبة إلى "فتنة الجمعة"!!