التحقيق
موقف التحقيق من المواقف غير العادية فى حياة الفرد وفضلا عما يتسم به من طابع الرهبة فهو غير عادى لأن الإنسان لم يألفه ولا يدرى بمعقباته ولا ما قد ينتهى إليه أمره ونتيجة لذلك فقد تبدو بعض تصرفات غير عادية من الأشخاص الماثلين أمام المحقق كالمتهم أو المجنى عليه أو الشاهد إثباتا أو نفيا وهى الاضطراب والتلعثم وتوتر الأعصاب.
ولذلك يتعين أن يقابل المحقق ذلك بضبط النفس والهدوء والصبر.. وضبط النفس هو سيطرة الإنسان على ميوله وغرائزه ورد غلوائها بإخضاعها لحكم العقل والتفكير.. فمن الشجاعة أن يضبط الإنسان نفسه عن الاسترسال فى الغضب والاستسلام له إذا ما أحنقه أو غاظه أمر لأن ضبط نفسه عن الغضب .. يحفظ كرامته ويوفر عليه متاعب كثيرة ويفسح المجال لعقله ليفكر ويتغلب على المصاعب فى هدوء.
كما يجب أن يقابل الإنسان السيئة بالحسنة وأن يقابل سفاهة السفيه بالتحلم عنه وعدم الاكثرات له ويتأتى للمحقق ذلك حين يؤمن بأن كل ما يلحظه من تصرفات تبدو غير عادية ترجع إلى موقف التحقيق وعلى هذا فإنها فى حقيقة الأمر طبيعية فلا ينبغى أن تكون ذات تأثير فى مجريات التحقيق وآثاره.. وعلى المحقق أن يتحلى بالصبر.
أى احتمال الآلام والمحن فلا يصيبه الضيق حتى يصل إلى غايته.. وذلك حين يسأل شاهدا أو يستجوب متمها إن تلكأ فى إجاباته لكى يصل للحقيقة لأن فى القلق والتسرع ما يؤدى إلى إغفال بعض الأدلة أو طمس بعض الحقائق التى توصل إلى العدالة.
تجب المثابرة «أى» مواصلة الجد والنشاط والدأب على العمل حتى يتم إنجازه.. ولا يغيب عن فطنة المحقق أن الدقة والمثابرة وسعة الصدر تعين كثيرا على الكشف عما يغمض من أمور.
كما يتعين على المحقق أن ينأى بنفسه عن التسرع فى الحكم على قيمة الدليل بل يجب عليه أن يقلب الرأى على مختلف وجوهه حتى يتعين مطابقته لمقتضى الحال ولا يلتزم بالتأثير الأول الذى يتبادر إلى ذهنه عن الحادث وعلى المحقق أن يركز انتباهه إلى كل ما يتعلق بالتحقيق من أشخاص ووقائع فيلاحظ الأشخاص أثناء مثولهم للتحقيق ويستخلص الوقائع حين ظهورها ويلاحظ مكان الجريمة حين المعاينة لاكتشاف بعض الآثار المادية التى تفيد فى كيفية وقوع الجريمة وتعرف الحقيقة.. ثم يجب أن يكون المحقق سريع الخاطر وقوى الذاكرة حتى يمكن له الربط بين الأحداث المختلفة وقوة الملاحظة والذاكرة كلها أمور مرتبطة وإن عُرض عليه متهم مقبوض عليه وجب البت فى الحال بعد استجوابه وإذا طُلب منه إذن بالتفتيش يجب البت فيه فور تقديم الطلب وإذا كان فى سرعة التصرف إهدار لحقوق الخصوم أو مساس بالعدالة وجب التأنى والتريث قبل إصدار القرار مع كتمان أسرار التحقيق.
وللحديث بقية..
