رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا قال أحد ضباط المدفعية عن البطل المشير أبو غزالة؟

المشير أبو غزالة
المشير أبو غزالة

كان المشير أبو غزالة نموذجا للضابط المحب لوطنه، يمتلك مهارة فائقة وعقلية قادرة على تغيير الواقع وتحويله إلى إنجازات وبطولات خالدة تمثل تاريخا مشرفا للأجيال القادمة.


فالمشير عبد الحليم أبو غزالة كان رمزا وقدوة للضباط الذين خدموا معه، وبمناسبة مرور  ١٤ عاما على وفاته، نقدم شهادة الضباط الذين خدموا مع المشير عبد الحليم أبو غزالة في حربي الاستنزاف وأكتوبر المجيدة.

 

مشروع رماية بالذخيرة الحية 

من خفايا الذكريات  يقول العقيد محمد عبد القادر أحد أبطال المدفعية في حرب اكتوبر لدي اكثر من ذكري مع المشير أبو غزالة أولها  وقت أن كنا طلبة بالكلية الحربية في القسم المتوسط ( تخصص مدفعية ميدان) كان علينا القيام بأول مشروع رماية بالذخيرة الحية في ميدان الرماية بمنطقة الكيلو 53 طريق القاهرة /السويس.

 

 فخرجنا للمشروع ورأينا الضباط المشرفين علينا بالإضافة إلى رئيس جناح المدفعية وقتها يلتفون حول ضابط على بعد منا  ويتبادلون معه الكلام باحترام شديد وانبهار أشد، لفت ذلك انتباهي أنا وزملائي  وذهبنا  لاستطلاع الأمر، فعلمنا أنه  " المقدم أبو غزالة". 

 

وكنا نسمع عنه كأحد أمهر ضباط المدفعية في الرماية  لدرجة أن ضباط جناح المدفعية كانوا عندما يتحدث أحد عن مهاراته الشخصية في الرماية بالمدفعية يمزحون معه قائلين " إنت فاكر نفسك أبو غزالة؟".

 

حرب الاستنزاف

 

-الموقف الثاني بعد تخرجي من الكلية الحربية في يوليو 1969 عملت ضابطا للاستطلاع بالكتيبة 803 مدفعية  وكنا  وقتها في  حرب الاستنزاف  وكان هناك وقفا لإطلاق النار ومركز الملاحظة الذى أشغله هو عبارة عن برج أعلى مبنى إرشاد القناة في مدينة الاسماعيلية باعتباره أعلى نقطة في المنطقة وكنت أرسل – طبقا للتعليمات تقريرا كل 12 ساعة إلى قيادة المدفعية الأعلى والتي ترسلها بدورها إلى المستويات الأعلى وكان من ضمن بيانات التقرير اليومي مرور دورية مكونة من دبابتين وثلاث عربات مجنزرة على طريق الشاطئ قادمة من الطريق الأوسط في الساعة السادسة صباحا وعودتها في الثامنة صباحا من نفس الطريق.

 

 وفي الساعة الخامسة والنصف صباحا من أحد الأيام وجدت  العميد أبوغزالة رئيس أركان مدفعية الجيش الثاني   أمامي وجها لوجه في مركز ملاحظتي  صاعدا السلم الحديدي المؤدي إلى غرفة المراقبة بادرني بالترحيب  قائلا "إزيك يا حضرة الضابط" أنت الملازم محمد عبد القادر؟ قلت – وأنا غير مصدق- نعم. قال لي "وريني على جهاز المراقبة أين تسير الداورية" التي ترسل لنا بياناتها كل يوم فقمت بتوضيح مسار الداورية له على الأرض وعلى الخريطة. فشكرني وانصرف وبعد يومين وجدته مرة أخرى يصعد إلى مركز الملاحظة في نفس التوقيت  وكان في هذه المرة يصطحب المقدم صابر عطوة ( قائد كتيبة صواريخ)  وأرسل بيانات الهدف طبقا لخط سيره اليومي الذي أرصده إلى موقع صواريخ الكتيبة. 

 

وما أن لاح الغبار الذي يثيره تحرك الدبابات قادما من الطريق الأوسط حتى أصدر أوامره بالاستعداد للضرب وما أن وصلت الداورية إلى طريق الشاطئ في مسارها اليومى حتى أطلق قصفة صواريخ  أتبعها بقصفة أخرى  وتم تدمير العربات الثلاث بمن فيهم  ودبابة  وفرت الدبابة المتبقية شرقا. 

 

و كان وقتها  وقف إطلاق النار مراقبا من " البوليس الدولي والذي كان يفصل بين القوات  المصرية والإسرائيلية  فقد نظر إلي الرجل، قائلا وهو يضحك: أنت شوفتني انا ضربت حاجة  ففهمت المغزى وقلت له مبتسما" أبدا"، حدث ذلك أثناء سريان قرار وقف إطلاق النار كم كان جريئا وصاحب قرار هذا الرجل.

 

حرب أكتوبر


- الموقف الثالث  بعد الحرب بعام  تحديدا في عام  ١٩٧٤ وكانت الكتيبة التي أعمل بها في معسكر تدريبي بمنطقة القصاصين بمحافظة الشرقية وكانت قريبة من قيادة الجيش الثاني الميداني. فوجئنا  بالعميد أبو غزالة وكان وقتها قائد مدفعية الجيش الثاني الميداني وعدد من ضباطه قادمون للكتيبة بميكروباص مرتدين الملابس الرياضية للعب مباراة في كرة القدم معنا. 


ولا أنسى يومها أن قائد الكتيبة المقدم  محمد جميل عبد السلام قد أخرجني من المباراة حرصا على العميد  أبو غزالة من العنف الذي رأى أنني ألعب به بعد احتكاكي به دون قصد.


تلك ذكرياتي مع  المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة، قائد المدفعية العظيم في حرب أكتوبر 1973 وأستاذ أجيال كثيرة من ضباط المدفعية، وقد تعلمنا منه التواضع والخلق الكريم وحسن معاملة الجنود وأهمية المثابرة على التدريب قبل أن نتعلم منه فنون المدفعية.

الجريدة الرسمية