رئيس التحرير
عصام كامل

محاكمة القرن.. حكاية فضيحة عالمية لرئيس مجلس الشورى ونواب بمصر بسبب جواري

صورة الجوارى الستة
صورة الجوارى الستة

في مثل هذا اليوم 7 سبتمبر عام 1894 عقدت محكمة عسكرية لمحاكمة رئيس مجلس شورى القوانين في مصر ـ على باشا شريف ـ ومعه اثنان من الباشوات بتهمة مخالفة القانون وشراء جواري أحضرهن أربعة من النخاسين سرا من السودان.


والقصة كما تحدث عنها الكاتب صلاح عيسى في مؤلفه ( دفتر من أحوال الوطن ) وقال: بدأت عند ستة من الجوارى هن سعيدة وحليمة وزنوبة وفاطمة ومراسيلة وزنوبة أيضا، اللاتى أحضرهن النخاسين من السودان والحبشة الى مصر لبيعهن سرا، بالرغم من توقيع مصر على معاهدة حظر الاتجار في الرقيق والعبيد منذ عام 1877.

مصلحة شئون الرقيق 

يشرف على تنفيذ هذه المعاهدة مصلحة أنشئت لرعاية شئون الرقيق وتحريرهم وملاحقة تجار الرقيق وتقديمهم للعدالة يرأسها الانجليزى شيفر بك ومعه قوة نظامية قوامها 400 رجل وتمتد سلطات هذه المصلحة من وادى حلفا حتى الإسكندرية، وقد تمكنت من تحرير 15 ألفا من العبيد والجوارى.

الجوارى الستة 

وبالرغم من كل ذلك استطاع النخاسون إحضار 6 جواري من السودان وعرضهم على رئيس مجلس شورى القوانين على باشا شريف وبدلا من أن يرفضها اشترى ثلاثة منهن ودفع فيهن 60 جنيها مخالفا بذلك القانون، واشترت الجارية الرابعة زوجة الطبيب عبد الحميد الشافعى والخامسة اشتراها حسين باشا واصف مدير مديرية أسيوط واستقرت الأخيرة عند محمد باشا الشواربى عضو النواب عن قليوب.

القبض على الباشوات 

وصلت معلومة الست جوارى الى شيفر بك فوجه حملة للقبض على النخاسين الذين اعترفوا بكل التفاصيل وصدرت التعليمات باستدعاء الباشوات والطبيب الذين اشتروا الجوارى.

أمضى رئيس مجلس النواب ليلة في الحبس ومعه الباشوات واصف والشافعى والشواربى.


أفرج على شريف باشا رئيس مجلس النواب لاحتفاظه بالجنسية الإيطالية السرية ـ وهذا مخالف للعضوية البرلمانية ـ حيث تدخلت السفارة الإيطالية لذلك.

محكمة عسكرية 

وتشكلت المحكمة العسكرية لمحاكمة النخاسين والجوارى والباشوات وسميت محاكمة القرن حضرها مندوبو الصحف من كل مكان، ووقف الباشوات في قفص الاتهام بجوار النخاسين الأربعة والسمسار الذى شارك في الصفقة ماعدا شريف باشا الذى أصيب بأزمة قلبية ولم يحضر المحاكمة.


استغرقت المحاكمة عشرة أيام كما نشرت واعترف الدكتور الشافعى بالواقعة بينما أنكر الباشوات، ودافع المحامون عن الباشوات بأن الجريمة هي جريمة الاتجار والمتهم فيها النخاسين، أما الشراء فهو لم يعاقب عليه القانون لأن المشترى يقصد انقاذ الجارية من قسوة الحياة.

طلب العفو والسماح

وفى نهاية المحاكمة حكم بالحبس على الدكتور الشواربى خمسة اشهر وبراءة الباشوات واصف والشواربى والسجن للنخاسين ثلاث سنوات، أما على باشا شريف فطلب منه اعتذارا مكتوبا عن الواقعة وطلب العفو من الخديو عباس حلمى الثانى وبعدها قدم استقالته من رئاسة مجلس شورى القوانين بل انه اعتق الخدم الذين كانوا في بيته ومنهم الجارية خوشيار وحرر لها وثيقة التحرير مرضاة لوجه الله، واشتد عليه المرض حتى رحل.
 

الجريدة الرسمية