الدليل القرآني على خطأ هبة قطب وسعاد صالح!
لم يكن الإسلام هادما لما سبقه ووجد الناس عليه إلا لما يتعارض مع أسس الدين الجديد.. ولذلك ترك عادات عديدة كانت في الجاهلية أغلبها إن لم يكن كلها عادات اجتماعية مثل الإجارة واقتسام المال في الأزمات والآخاء وغيرها..
الدكتور وهبة الزحيلي العالم السوري الجليل -الذي رحل قبل عدة سنوات- يقسم العرف إلى نوعين.. عملي وقولي.. الأول مثل قسمة المهور مثلا إلي مقدم ومؤخر.. والثاني مثل: إطلاق لفظ الدابة على الفرس وإطلاق إسم الولد علي المولود الذكر رغم أن الولد لغويا تطلق علي البنين والبنات ولذلك تقول الآية "يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ".
ولذلك يضع الشيخ وهبة الزحيلي تعريفا للعرف فيقول: "هو ما اعتاده الناس وساروا عليه من كل فعل شاع بينهم أو لفظ تعارفوا على إطلاقه لمعنى خاص"، بينما هناك تعريف آخر للعرف هو: "العرف هو مجموعة من المعايير أو المفاهيم أو المقاييس المتفق عليها أو المنصوص عليها أو المقبولة بشكل عام والتي كثيرا ما تأتي في صورة عادة وقد تتحول أنواع معينة من القواعد أو العادات إلى قانون".. بينما في قاموس المعاني هو "ما استقر في الوسط الاجتماعي وأصبح عادة جارية بين الناس في معاملاتهم"..
تعريف العرف
وهكذا وبتعريف قريب قد يصل إلى حد التطابق نجد تعريف العرف في باقي المعاجم اللغوية.. وبعيدا عن أنواع العرف وتصنيفاته وتعريفه الأصولي الخ، إذ يعنينا حجيته الشرعية.. إذ يقول الشيخ وهبة الزحيلي في موسوعته أصول الفقه الإسلامي: أنه بإجماع العلماء يقدم العرف على القياس ولا يقدم عليه إلا النص القرآني القطعي الدلالة والإجماع!
وبناء علي ما سبق ولأن القرآن الكريم كتاب لمكة وقت نزوله كما هو كتاب لكل مدن العالم اليوم.. كما أنه يشرع لأهل تلك الفترة كما يشرع لعصرنا الحالي.. وللعصور التالية لذلك ليس منطقيا والقرآن معيار البلاغة يخلو من الحشو ومن التكرار لذلك لم يكن منطقيا أن يتحدث عن أحكام تخص أهل المدينة وحدهم ثم أهل العراق بعدهم ثم أهل مصر تاليا لهم.. إنما أقر عادات الناس وأعرافهم وطالبهم بالالتزام بها كجزء من تشريعهم..
ولذلك عندما يقول القرآن عن رب العزة لرسوله عليه الصلاة والسلام (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) علينا الالتزام بالأعراف.. وأغلب المفسرين يقولون "أي أمرهم بالمعروف المستحسن من الأفعال فإن ذلك أقرب إلى قبول الناس من غير نكير"!
وبذلك يكون بقاء نساء الجزيرة العربية في بيوتهن لخدمة أزواجهن عرف عليهن الالتزام له.. وهنا في الريف المصري ومحافظات الصعيد والدلتا والقناة وسيناء ومطروح العرف يميل إلي التزام الزوجة بكافة أعمال البيت.. وهكذا في أغلب البلاد العربية!
إما إذا كان الزوجان في دول أوروبية أو بعيدة عن تقاليدنا أيضا ببساطة يحكمهم عرف مجتمعاتهم إن ارتضوه! وبناء عليه تقوم الزوجة على بيتها.. ليكون "سكنا لهم".. من السكينة وليس من السكن.. وهي أعلى مراحل الاطمئنان.. ولا يتحقق ذلك بعيشة الأغراب مع بعضهم لكل شيء ثمن وأجر لا مودة في ذلك ولا رحمة.. فلا بقي رباط مقدس ولا صار ميثاقا غليظا! وهكذا بآية واحدة نظم القرآن الأمر كله ولا نعرف كيف غفلت عنها أستاذة أزهرية ولا كيف تجاوزتها طبيبة تزعم العلم والمعرفة!