مطارنة الكنيسة الكاثوليكية بمصر تشارك في قداس تطويب قداسة البابا يوحنا بولس الأول
شارك مطارنة السينودس البطريركي المقدس للكنيسة القبطية الكاثوليكية بمصر، في قداس تطويب قداسة البابا يوحنا بولس الأول، الذي ترأسه اليوم، قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية في العالم، وذلك بساحة القديس بطرس، بالفاتيكان، كما شارك أيضًا مجمع الكرادلة، والبطاركة الكاثوليك في العالم، بالإضافة إلى جمع غفير من المؤمنين.
وألقى الأب عظة قال فيها كان يسوع في طريقه إلى أورشليم ويقول إنجيل اليوم "كانَت جُموعٌ كَثيرَةٌ تَسيرُ مَعَه". أن نسير معه يعني أن نتبعه، أي أن نصبح تلاميذ. ومع ذلك، يوجّه الرب لهؤلاء الأشخاص خطابًا غير جذاب ومتطلب جدًّا: لا يستطيع أن يكون تلميذًا له من لا يحبه أكثر من أحبائه، والذي لا يحمل صليبه، ولا يتجرّد عن الخيور الأرضية. لماذا وجه يسوع مثل هذه الكلمات الى الجمع؟ وما معنى تحذيراته؟ لنحاول أن نجيب على هذه الأسئلة.
تابع البابا فرنسيس يقول أولًا، نرى حشدًا كبيرًا من الناس يتبعون يسوع، ويمكننا أن نتخيل أن الكثيرين قد انبهروا بكلماته وأذهلتهم التصرفات التي قام بها؛ وبالتالي، رأوا فيه رجاء لمستقبلهم. ما الذي كان سيفعله أي معلِّم في ذلك الوقت، أو - قد نسأل - ما الذي كان سيفعله القائد الذكي إذا رأى أن كلماته وموهبته تجتذب الحشود وتزيد من توافق الآراء عليه؟ يحدث هذا الأمر اليوم أيضًا: خاصة في لحظات الأزمات الشخصية والاجتماعية، عندما نكون أكثر عرضة لمشاعر الغضب أو نخشى شيئًا يهدد مستقبلنا، فنصبح أكثر هشاشةً؛ وبالتالي، على موجة العاطفة، نعتمد على الذين وببراعة ودهاء يعرفون كيف يستفيدون من هذا الموقف، فيستغلّوا مخاوف المجتمع، ويعدوننا بأن يكونوا "المخلِّص" الذي سيحل المشاكل، بينما يريدون في الواقع أن يزيدوا إعجابهم وسلطتهم.
أضاف الاب الأقدس يقول يخبرنا الإنجيل أن يسوع لا يفعل هكذا. إنَّ أسلوب الله مختلف، لأنه لا يستغل احتياجاتنا، ولا يستخدم نقاط ضعفنا لكي ينمِّي نفسه. هو، الذي لا يريد أن يخدعنا ولا يريد أن يوزع أفراحًا رخيصة. فهو لا تهمّه الحشود الكبيرة، وليس لديه عبادة للأرقام، ولا يسعى إلى توافق الآراء عليه، وليس عابدًا للنجاح الشخصي. بل على العكس، يبدو أنه يشعر بالقلق عندما يتبعه الناس بنشوة وحماس سهل. لذلك، بدلًا من أن يسمح لسحر الشعبية بأن يجذبه، هو يطلب من كل شخص أن يميز بعناية أسباب اتباعه له والعواقب المترتبة على ذلك. كثيرون من هذا الجمع في الواقع ربما كانوا يتبعون يسوع لأنهم كانوا يأملون في أن يكون قائدًا يحررهم من أعدائهم، شخص سيستحوذ على السلطة ويشاركها معهم؛ أو شخص يمكنه، من خلال المعجزات، أن يحل مشاكل الجوع والمرض. يمكننا أن نسير خلف الرب، في الواقع، لأسباب مختلفة، وبعضها، يجب أن نعترف، هو دنيوي: إذ وراء المظهر الديني المثالي قد يختبئ إشباع الاحتياجات الشخصية، والبحث عن المكانة الشخصية، والرغبة في الحصول على دور معيّن، وإبقاء الأمور تحت السيطرة، والرغبة في احتلال فسحات والحصول على امتيازات، والطموح للحصول على إشادات وثناء وغيرها. وقد يصل بنا الأمر إلى استغلال الله من أجل هذا كلّه. لكنَّ هذا ليس أسلوب يسوع، ولا يمكنه أن يكون أسلوب التلميذ وأسلوب الكنيسة.
تابع الحبر الأعظم يقول إنَّ الرب يطلب موقفًا آخرًا. إنَّ اتباعه لا يعني الدخول إلى بلاط ملكي أو المشاركة في موكب نصر، ولا حتى الحصول على تأمين على الحياة. بل على العكس، فهو يعني أيضًا "أن نحمل الصليب": مثله، وأن نأخذ على عاتقنا أعباءنا وأعباء الآخرين، ونجعل من حياتنا عطيّة، ونبذلها مقتدين بالحب السخي والرحيم الذي يحمله لنا. إنها خيارات تُلزم الحياة بأكملها؛ لهذا السبب أراد يسوع أن لا يضع التلميذ أي شيء قبل هذه المحبة، ولا حتى أغلى المشاعر وأعظم الخيور. ولكن لكي نفعل هذا علينا أن ننظر إليه أكثر من نظرنا لأنفسنا، وأن نتعلم الحب، ونستقيه من الصليب. هناك نرى ذلك الحب الذي يبذل نفسه حتى النهاية، بلا قياس وبلا حدود. نحن أنفسنا - قال البابا لوتشياني - "موضع حب أبدي من قبل الله". أبدي: أي لا يختفي أبدًا من حياتنا، ويسطع علينا على الدوام وينير الليالي الأكثر ظلامًا. وبالتالي، إذ ننظر إلى المصلوب، نحن مدعوون إلى ذروة ذلك الحب: أي لكي ننقي أنفسنا من أفكارنا المشوهة عن الله ومن إنغلاقاتنا، ولكي نحبه ونحب الآخرين، في الكنيسة وفي المجتمع، حتى الذين لا يفكرون مثلنا، وكذلك الأعداء.