اقتصاديون عن قروض الحكومة: شوكة في الظهر.. ودعم الصناعة وتقليل الاستيراد الحل
«الديون الخارجية، وأزمات السداد».. عبارات ترددت كثيرًا على مدى السنوات الأخيرة فى الساحة الاقتصادية، بعد حصول مصر على عدة قروض من صندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى القروض الخارجية الأخرى، والتى سجلت حوالى 158 مليار دولار، ووصلت إلى نسبة 34% من الناتج المحلى، وبالرغم من ذلك فإن الحكومة المصرية استطاعت خلال السنوات الأخيرة من هيكلة ملف الديون واختيار قنوات محددة تساعدها على سدادها فى المواعيد المحددة لها بالرغم من الأزمات والتحديات التى تعرضت لها، وتمكنت من سداد حوالى 20 مليار دولار أقساط وفوائد للديون خلال 9 أشهر فقط.
وكشف عدد من خبراء الاقتصاد والمحللين عن القروض الخارجية التى تحصل عليها الدولة المصرية وارتفاعها خلال الفترة الأخيرة، وهذا وسط تخوف البعض من أعباء الدين والأقساط السنوية للقروض، فى الوقت الذى أكد فيه الآخرين أن الدين العام والخارجى، هو عبارة عن نسبة مقارنة بالناتج المحلى الإجمالى، فى الوقت الذى تمتلك فيه الحكومة القدرة على السداد وفقًا خطط محددة تساعد الدولة على عدم التخلف عن السداد.
تحسن مستوى المعيشة
فى البداية يقول الدكتور محمود عبد الحى، أستاذ الاقتصاد الدولى ومدير معهد التخطيط القومى الأسبق، إن قروض صندوق النقد الدولى تتم من أجل إصلاحات اقتصادية ومساندة الدول فى ظل الأزمة، وبالتالى أي قرض يعتمد على الشروط والقواعد التى يضعها الصندوق ومدى موافقة الدول عليها.
وأضاف "عبد الحى" فى حديثه، أن الحكومة لا تستسهل عملية الحصول على القروض، وهذا لأنها تمثل أعباء على الموازنة العامة للدولة، ولكن فى ظل الأزمات التى يتعرض لها الاقتصاد، لجأت الحكومة إلى الصندوق للحصول على القرض، مشيرًا إلى أن الدولة فى الوقت الحالى تقوم بمفاوضات مع الصندوق لمناقشة قواعد الدين العام، والشروط التى يتم وضعها حتى تتمكن الدولة من سداد أقساط القروض وفوائدها فى المدة المحددة لها.
وأشار إلى أن الهدف الرئيسى من قرض صندوق النقد الدولى، يركز على إصلاح الوضع وتحسن مستوى المعيشة فى ظل الأزمات العالمية، وارتفاع معدلات التضخم، مطالبًا بضرورة تخطيط معدلات الحصول على القرض والطرق التى يتم دفع القرض من خلالها، مؤكدًا على أن الدولة لا تواجه أي مشكلات فى سداد الديون الخارجية، التى وصلت إلى حوالى 158 مليار دولار، وتمثل حوالى ثلث الناتج المحلى.
شوكة فى الظهر
وعن الديون المصرية، أكد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية عبد المنعم السيد، أن الديون تمثل شوكة فى ظهر الاقتصاد المصرى، وهذا لأنها تتسبب فى تآكل الموازنة العامة بشكل كبير سواء من ناحية فوائد الديون، أو الأقساط التى يتم دفعها بشكل دورى، موضحا أن الدولة تعمل على هيكلة ملف الديون من عدة سنوات.
وعن طرق سداد الديون أشار إلى أن الحكومة تعمل فى الوقت الحالى على خطة من عدة اتجاهات، تتمثل فى دعم الصناعة المحلية، وتخفيف نسبة الاستيراد من الخارج، بالإضافة إلى توفير العملة الصعبة ودعم المشروعات الصغيرة للنهوض بالمنتجات المحلية، مما تسهم فى خفض نسبة التضخم وتوفير سيولة فى الدولة، تدعم الدولة فى سداد أكبر نسبة من الديون الداخلية والخارجية.
من جانبه قال الخبير المصرفى محمد بدرة: إن هناك إشادات دولية بقدرة مصر والتزامها بسداد الديون وأقساطها فى المواعيد المحددة لها، مؤكدًا على أنه لم تتخلف الدولة عن سداد ديونها بالرغم من كافة التحديات التى يواجهها الاقتصاد العالمى والمحلى، حيث تمكن البنك المركزى من توفير 24 مليار دولار لسداد الالتزام خلال 5 شهور بمتوسط 4.5 مليار دولار شهريا.
وأضاف "بدرة"، أن قدرة مصر على سداد ديونها الخارجية فى مواعيدها ساهمت فى تحسين معدلات التصنيف الائتمانى لها عالميًا، مؤكدًا على أن ملف الديون يسير بخطى ثابتة يعمل عليها البنك المركزى المصرى لتدبير التزاماتة لسداد الديون مع الحفاظ على مستوى الاحتياطى النقدى.
وعن خطورة ارتفاع الديون، أكد بدرة على أن هيكل الدين الخارجى يستحوذ معظمه على ديون طويلة الأجل، موضحا أن هناك خطط يعمل عليها البنك المركزى ووزارة المالية، تستهدف زيادة آجال الديون قصيرة الأجل، بجانب الدور الكبير الذى تعمل عليه الدولة فى تشجيع الاستثمارات لزيادة الصادرات المصرية، ضمن خطة 100 مليار دولار صادرات التى تسعى الحكومة للوصول إليها.
وعن تثبيت سعر الفائدة خلال اجتماع البنك المركزى الأخير، أوضح محمد بدرة أن ارتفاع سعر الفائدة سيؤدى إلى زيادة تكلفة الديون الخارجية والمحلية مما يرفع من عجز ميزان المدفوعات، وبالتالى يجعل الدولة تعمل على زيادة الإيرادات من خلال ضم الاقتصاد غير الرسمى، والذى يصل حجمه إلى نفس حجم الاقتصاد الرسمى تقريبًا، للمساهمة فى زيادة الحصيلة الضريبية للموازنة.
وفى نفس السياق أشار الدكتور هشام إبراهيم، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إلى أن ما تعانى منه الدولة المصرية من أزمات اقتصادية، يأتى نتيجة تداعيات الأزمة العالمية وارتفاع معدلات التضخم بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، مضيفا أن فوائد الديون بلغت 690 مليار جنيه، فى الموازنة العامة للدولة، وهذا بالإضافة إلى الأقساط الخاصة بها.
وعن أسباب الاقتراض، أوضح إبراهيم، أن العجز فى الموازنة الجديدة للدولة، هو أكثر الأسباب التى اضطرت الحكومة إلى اللجوء للحصول على حزم مالية عبر الاقتراض، للعبور بالأزمة الحالية.
نقلًا عن العدد الورقي…،