الرتوش الأخيرة فى مفاوضات مصر وصندوق النقد.. طلبات متشددة أبرزها ترشيد الدعم وتوسيع مشاركة القطاع الخاص وخفض العجز
دخلت مفاوضات الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولى مرحلة فاصلة للحصول على قرض جديد بسبب الأزمات الاقتصادية التى أثرت على مصر، وأبرزها التضخم والأزمة الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار السلع عالميا وتراجع الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة.
ويغطى قرض صندوق النقد الدولى جزءًا من الفجوة التمويلية التى تعانى منها مصر، التى طلبت من الصندوق تغطية الفجوة التمويلية الموجودة عند مصر، وأقساط الدين، وزيادة الاحتياطى الخاص بالبنك المركزى على مدار 3 أو 4 سنوات.
وطلبت مصر دعمًا من الصندوق لتنفيذ برنامجها الاقتصادى الشامل، فى نهاية مارس بعد نحو شهر من اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، والتى رفعت أسعار السلع والطاقة وخاصة البترول والقمح الذى تعد مصر أكبر مستورد له.
يصف صندوق النقد، الأزمة الروسية الأوكرانية بأنها تسببت فى تداعيات وبيئة اقتصادية ضغطت على جميع البلدان، وأنتجت تحديات على الاقتصادات وبينها مصر، ولهذا خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمى.
تداعيات الحرب الروسية
ويرى صندوق النقد الدولى أنه للتخفيف من تداعيات الحرب على الدول، فإن على حكومات البلدان المتضررة، ومن بينها مصر، اتخاذ مجموعة من تدابير الاقتصاد الكلى والسياسات الهيكلية من شأنها أن تخفف من تأثير هذه الصدمة وتحمى الضعفاء وتحافظ على مرونة الاقتصاد وآفاق النمو على المدى المتوسط.
ولأن صندوق النقد الدولى يحدد طلبات مسبقة وصفها المتابعون للأمر بـ"المتشددة"، قبل توقيع الاتفاق مع الحكومة، فقد زارت بعثة مؤخرا مصر وأبلغت الحكومة المصرية بالطلبات الخاصة بالقرض، وأبدت مصر مرونة فى الاتفاق وصدر بيان عن مجلس الوزراء يؤكد نجاح المفاوضات واستمرار المشاورات مع الصندوق خلال الفترة المقبلة.
ويتطلب التعامل مع طلبات صندوق النقد الدولى المسبقة وقتًا طويلًا، بسبب تشابكية الطلبات مع عدة ملفات أبرزها عدد الموظفين فى الجهاز الإدارى للدولة وحماية الطبقات المهمشة والفقيرة من الآثار الجانبية للقرارات الاقتصادية الصعبة وارتفاع الأسعار.
مصادر حكومية مطلعة على ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولى قالت إن المفاوضات مع الصندوق الآن فى مرحلة الاتفاق على أقساط الدين.
وأوضحت المصادر أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولى تشمل الحديث عن سعر الصرف، بما لا يؤدى إلى انفلات سعر الصرف كما حدث فى دول أخرى، وكذلك المنهجية التى تستخدمها الدولة والبنك المركزى لضبط إيقاع سعر الصرف، بما يتفق مع المعايير الدولية.
وفقا للمصادر طلب صندوق النقد الدولى من الحكومة إحراز "تقدم حاسم " فى الإصلاحات الهيكلية والمالية، وترشيد الدعم وخفض العجز المالى واستئناف برنامج سياسة ملكية الدولة والذى يتمثل فى الانسحاب من 60% من المشروعات التى تهيمن عليها الحكومة لصالح القطاع الخاص، وغيرها من الشروط والطلبات التى تهدف إلى سداد الديون عن طريق السيطرة على الدعم وعجز الموازنة وسعر العملة والتضخم.
ونستشهد هنا بتصريحات لوزير المالية الدكتور محمد معيط والتى قال فيها: "مثل أي محادثات، دائما هناك وجهتا نظر واتفقنا على بعض النقاط واختلفنا على نقاط أخرى. هناك تقدم جيد جدا ونناقش النقاط المتبقية".
شروط الصندوق
وكشفت المصادر عن أن شروط الصندوق تضمنت أيضًا تخفيف فاتورة الدعم فى الموازنة العامة للدولة بما يتضمن تحرير سعر الخبز المدعم لتقليل فاتورة دعمه، لكن الحكومة رفضت هذا الطلب وأكدت للصندوق أنها لن تقبل بشروط قاسية على المواطن فى الاتفاق.
وتسعى الحكومة للاتفاق على برنامج الإصلاح الاقتصادى، ليس فقط من أجل التمويل، لكن أيضًا لأنه يمثل دعما فى جذب الاستثمارات، وهنا نشير إلى تصريحات جيهان صالح مستشار رئيس الوزراء والتى قالت فيها: "ليس مهما قيمة القرض لكن مهم أن يكون معنا دعم من المؤسسات الدولى لجذب الاستثمارات".
واختتمت المصادر حديثها لـ"فيتو" بأن المفاوضات فى مرحلة وضع جداول زمنية وتفاهمات مع الصندوق، بعد ذلك تذهب ملاحظات الحكومة لواشنطن للمداولة مع إدارة الشرق الأوسط، ومن ثم وضع البرنامج الممول من قبل الصندوق من خلال نافذة محددة.
نقلًا عن العدد الورقي…