من الجمالية إلى نوبل.. ذكرى رحيل الأديب العالمي نجيب محفوظ
أديب مصري الف العديد من القصص والروايات، وصل بأدبه الى العالمية حين حصل على جائزة نوبل في الأدب، وحاولت يد الإرهاب اغتيال الأديب العالمى نجيب محفوظ في 11 يناير 1995 ولكنه نجا من المحاولة الآثمة، ليرحل بعد ذلك في مثل هذا اليوم 30 أغسطس 2006.
في ليلة شتاء باردة عام 1911 ولد الأديب العالمى نجيب محفوظ في حي الجمالية بالقاهرة، كان أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سنًا إليه كان عشر سنوات فقد، كان يعامل كأنه طفل وحيد..وعن هذه المرحلة يقول نجيب محفوظ: الطفولة مرحلة جميلة من أجمل مراحل العمر، يتلقى فيها الإنسان أشياء تستمر معه طوال العمر، وفي الطفولة أفراح وأحزان، وبعد مرور الوقت والأعوام ينسى الإنسان الآلام والأحزان، وتتبقى الأفراح والمسرات، أتذكر من هذه المرحلة عطف وحنان الوالدين، وأتذكر علاقتي بالمدرسين كانت جيدة، كنت تلميذا مجتهدا مطيعا للأوامر، محافظا على النظام،
حي الجمالية
بدأ نجيب محفوظ حياته بكتاب الشيخ بحيرى في الجمالية وهو في الرابعة من عمره، وكان ضعيف البنية، انتقل نجيب محفوظ من مرحلة الكتاب إلى مدرسة البرامونى الأولية وكانت في مواجهة مسجد الحسين، ومنها إلى مدرسة الحسنية الابتدائية وعن هذه المرحلة يقول محفوظ “ قرأت فيها عن محاكم التفتيش واتذكر منها العصا السوداء التي كان المدرس يهوى بها على أصابعى في برد الشتاء أو شلوت يقذفنى به خطوات”.
ترك نجيب محفوظ منطقة الجمالية وهو في الثانية عشر من عمره إلى حي العباسية، ثم كانت المرحلة الثانوية بمدرسة فؤاد الأول حيث تذوق فيها السياسة حيث اشترك في حزب الوفد لكن استمرت علاقته بأصدقاء حى الجمالية.
قسم الفلسفة
التحق بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، شرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب.
عمل موظفا في وزارة الأوقاف وسكرتيرا في البرلمان ثم مديرا للرقابة على الأفلام بشرط ألا يكتب سيناريوهات للسينما، لينتدب مع الرقابة مديرا لمؤسسة دعم السينما، لينهى حياته كاتبا متفرغا في جريدة الأهرام.
كرس نجيب محفوظ حياته للأدب وبرع في كتابة الروايات والمقالات الصحفية، وحول اتجاهه الى الكتابة الأدبية يقول: بدأت بكتابة القصة القصيرة فكتبت منها مائة قصة، ثم اتضح لى أن الأقصوصة شيء مركز يتضمن في أغلب الأحيان كل عناصر القصة الطويلة، وبحثت فيما كتبت فوجدت أنى أستطيع تحويل 90 قصة قصيرة من المائة إلى قصص طويلة، ومن هنا قررت الكتابة للقصة الطويلة واعترف وأدين بالفضل في حياتى الأدبية إلى الأستاذ العبقرى سلامة موسى، كنت أذهب إليه وأنا طالب صغير ببنطلون قصير ومعى كراسة أدوِّن فيها كتاباتى فيقرأها ويناقشنى فيما أكتب ويقول لى دائما "استمر" وكانت أول قصة لى نشرها في مجلته "المجلة الجديدة" ملوك تحت الأرض، وتدور حول فتاة تجمع أعقاب السجاير وأبوها يدير عصابة لتجارة المخدرات.
شخصيات من الحياة
أما أول رواياته الطويلة فكانت عبث الأقدار اعقبها العديد من الروايات والمجموعات القصصية منها" الثلاثية، الطريق، الشحات، قشتمر، بداية ونهاية، خمارة القط الأسود، كفاح طيبة، رادوبيس، السمان والخريف، اللص والكلاب، ميرامار، ثرثرة فوق النيل، الكرنك، أهل القمة، القاهرة 30 وغيرها.واعترف محفوظ بأنه استمد شخصيات رواياته وقصصه من أناس تراهم العين كل يوم في زحمة الحياة.
جائزة نوبل
حصل نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، وأمام 600 مدعو من كبار المفكرين والأدباء والسياسيين في العالم وكبار الشخصيات ألقى الكاتب محمد سلماوى كلمة الأديب الكبير نجيب محفوظ الذى منحته الأكاديمية السويدية جائزة نوبل فى الأدب في احتفالية تسليمه جائزة نوبل للأدب نيابة عن وزارة الثقافة المصرية ونظرا لعدم استطاعته السفر الى استوكهولهم لظروفه الصحية.
فى أكتوبر 1995 طعن نجيب محفوظ فى عنقه على يد شابين قررا اغتياله لاتهامه بالكفر والخروج عن الملة بسبب روايته المثيرة للجدل "أولاد حارتنا"، ونظرا لطبيعة نجيب محفوظ علق قائلا: على هؤلاء الشباب "أنه غير حاقدٍ على من حاول قتله، وأنه يتمنى لو أنهما لم يُعدما"، ولكن فيما بعد أُعدم الشابان المشتركان فى محاولة الاغتيال.
جنازتان للأديب الكبير
وفي 30 أغسطس 2006 شيعت مصر الأديب المصرى العالمى نجيب محفوظ، في جنازتين؛ واحدة شعبية والأخرى عسكرية.. الجنازة الشعبية انطلقت بناء على وصيته من مسجد الإمام الحسين في وسط المنطقة الشعبية التي ولد وعاش فيها وكتب عنها وعن أهلها.
الجنازة الشعبية شارك فيها حشد كبير من اهل المنطقة ونحو مائتى شخص من أهل الأدب والثقافة والفكر والأصدقاء، وصل الجثمان ساحة الحسين في سيارة إسعاف، وأمَّ صلاة الجنازة شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي إلا أنه قيل بعد ذلك إن النعش كان فارغًا، حيث تم نقل الجثمان من مستشفى الشرطة بالعجوزة مباشرة إلى مسجد آل رشدان.
كما خرجت الجنازة العسكرية بعد صلاة الظهر من مسجد آل رشدان بمدينة نصر، يتقدمها الرئيس الأسبق حسنى مبارك وكبار رجال الدولة، حيث حمل الجثمان على سيارة مدفع، مع رفع العلم المصري.