ورش الألعاب النارية في نزلة الفيوم.. طريق الأطفال للموت السريع
تشغيل الأطفال في الأعمال الخطرة وشديدة الخطورة من الإجراءات المحرمة دوليا، ووضعت القوانين المحلية بكل دول العالم كثير من الضوابط لتنظيم عمالة الأطفال، ونوعية الاعمال التي يلتحقون بها، وعدد ساعات العمل، وأوقات الراحة وطرق التغذية.
تحريم العمال الخطرة وشديدة الخطورة
وفي مصرحرم قانون الطفل عمالة الأطفال حتى سن 16 سنة، في الأعمال الخطرة وشديدة الخطورة كما حرم حتى سن 21 سنة، إلا أن الأطفال في قرية النزلة التابعة لمركز يوسف الصديق، اعتادوا على العمل في صناعة محرمة قانونًا لما فيها من مخاطر، هي صناعة الألعاب النارية، التي اشتهرت القرية بصناعتها، وبدأت بالبمب ووصلت الآن إلى الشماريخ المستخدمة في مدرجات كرة القدم، وعبوات الدخان الملون التي تستخدم في الافراح والمناسبات.
وكانت قرية النزلة تتمتع بحصانة طوال فترة حكم الحزب الوطني لأنها مسقط رأس الدكتوريوسف وآلي امين عام الحزب الأسبق وزير الزراعة نائب رئيس الوزار، ما شجع أهالي القرية على العمل في هذه الصناعة بالمخالفة للقانون وبعيدا عن أعين الأمن، محامين في الرجل الأول في الحكومات المتتالية لما يزيد على 25 سنة، منتمين بحصانة لم تنعم بها أي قرية أخرى.
بداية التصنيع
ومع بداية الثمانينيات من القرن الماضي أدخل أحد أفراد عائلة الجارحي إلى القرية صناعة الألعاب النارية، ولكن الفقراء والغلابة وجدوا فيها فرصة لتشغيل الأطفال والنساء بأجر مجز، واقتصرت في البداية على جلب المواد المفرقعة من القاهرة وتصنيع البمب في القرية بعد إضافة كسر الزلط إلى التركيبة الواردة إليهم، وتحولت شيئا فشيئا إلى تصنيع المادة المتفجرة "البارود" حتى وصلت إلى صناعة الشماريخ، وعبوات الدخان الملون.
وكما وجد أهل القرية ضالتهم في عمل استوعب الأطفال والنساء، وجد أصحاب هذه الصناعة التي يطلق عليها صناعة الموت، ضالتهم في توافر أيد عاملة رخيصة التكاليف.
ويقول أحد الأطفال العاملين في هذه الصناعة ( رفض ذكر اسمه ) خوفًا من بطش مافيا المفرقعات أنا وغيري فقدنا أجزاء من أجسامنا، فمنا من فقد ذراعا أو قدما أو عينا، ومنا من مات بعد أن تحول إلى أشلاء.
وأضاف أنه تم تحضير المادة المفرقة عرفت الكوارث طريقها إلى القرية، ولكن لأن الكل كسبان فقد تعود أهل القرية على صوت الانفجارات وتعود أهل الضحايا على الادعاء بأن سبب الانفجار أسطوانة غاز أو موتور الثلاجة.
اسباب الانفجارات
وعن أسباب الانفجارات يقول تتكون المادة المفرقعة من أكثر من مادة يتم خلطه بكميات ونسب محددة في عملية نطلق عليها اسم ( المعايرة ) وأثناء المعايرة هذه يتم غلق كل الأبواب والشبابيك وأي مصدر للتيارات الهوائية أو أي مصدر للحركة لأن أقل احتكاك أو أبسطه حتى لو كان مجرد نفخة من فم شخص تؤدي إلى الانفجار فهي عملية شديدة الخطورة.
وتابع: «لكن لأننا تعودنا عليها فنقوم بها بسهولة لكن قد يسهو على من يقوم بالعملية لأي سبب من الأسباب فيحدث الانفجار»، ولأن المنتج محرم قانون فعلي صاحب الورشة أن يتفنن في إخفاء إنتاجه الذي تصل أسعاره إلى مئات الآلاف رغم أن التكلفة لا تزيد على مئات الجنيهات.
مخازن المقابر
وعادة كل المنتجين لهم مخازن في مقابر القرية المجاورة لمنطقة الربع لصعوبة الوصول إلى هذه المخازن من قبل الشرطة في حالة حدوث حملة للتفتيش وأيضًا طريق الهرب من المقابر إلى القرية المجاورة سهل ويسير إلى أبناء القرية، لكن الشرطة لا تستطيع الوصول إليه إلا من وسط الكتلة السكنية سواء للنزلة أو للعزبة الأخرى».
ويضيف: أن أهالي ضحايا هذه المهنة هم من يدفعهم إلى العمل في ورش تصنيع الألعاب النارية بسبب الحاجة إلى المال وارتفاع الأسعار الذي أكل دخول الأسر مهما كانت، وأصحاب الورش يدفعون للطفل يومية تتراوح بين 75 و150 جنيهًا حسب مهارة كل طفل.
وأكد مصدر أمني أن معظم ورش الألعاب النارية في قرية النزلة مرصودة وتحت السيطرة وفي بداية يناير الحالي تمت مداهمة العديد منها وإلقاء القبض على أصحابها وتحريز ما بحوزتهم من ألعاب نارية و"بارود" يستخدم في الإنتاج