صحيفة أمريكية: حدوث كارثة نووية في أوكرانيا سيفاقم أزمة الطاقة العالمية
رأت صحيفة ”واشنطن بوست“ الأمريكية، أن خطر وقوع كارثة نووية في أوكرانيا يؤدي إلى تفاقم فوضى الطاقة على الصعيد العالمي، ويدفع بعض الدول إلى مراجعة خططها التي كانت قائمة على إنهاء الاعتماد على المحطات النووية، خوفا من انقطاع إمدادات الغاز الروسي في الشتاء.
وقالت الصحيفة، في تحليل إخباري نشرته، اليوم الخميس: ”هناك القليل من الدول التي تتفهم مخاطر الطاقة النووية في أماكن مثل أوكرانيا.. على بعد ساعتين فقط بالسيارة من كييف يوجد مفاعل تشيرنوبيل النووي، خارج الخدمة، وهو موقع لما يمكن أن يكون أسوأ حادث نووي، وبالتأكيد الأوسع انتشارا“.
وقالت: ”رغم كارثة تشيرنوبيل، فإن أوكرانيا لم تتخلَ مطلقا عن الطاقة النووية.. تمتلك الدولة 4 محطات نووية تدير 15 مفاعلا مختلفا، إنها واحدة من أكبر الدول في العالم من حيث الاعتماد على الطاقة النووية، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن هذه المفاعلات أنتجت 51% تقريبا من احتياجات أوكرانيا من الكهرباء في 2020“.
وأضافت: ”المفارقة بين المخاطر والمزايا بالنسبة للطاقة النووية عادت إلى الواجهة مرة أخرى بعد الحرب في أوكرانيا، حيث أدى الغزو الروسي لدفع بعض الدول لإعادة النظر في الطاقة النووية، في ضوء الحقائق الجيوسياسية للوقود الأحفوري، وتدرس ألمانيا الآن تأجيل إغلاق مفاعلاتها النووية، كي تستطيع التخلي عن الغاز الروسي“.
وأشارت إلى أن ”تلك الدول تسير على درب أوكرانيا، التي عملت منذ أعوام على إنفاق مليارات الدولارات على المفاعلات النووية، نتيجة المخاوف من أن موسكو سوف تقطع عنها إمدادات الغاز“.
وتابعت: ”الغزو الروسي كشف الخطر الهائل الذي يمكن أن تمثله الطاقة النووية في الصراع.. وتقع محطة زابوريجيا النووية، الأكبر في أوروبا، جنوب شرق أوكرانيا، وتسيطر عليها القوات الروسية منذ مارس الماضي، ولكن القتال الشرس في المنطقة خلال الأسابيع الأخيرة أثار مخاوف غير مسبوقة من وقوع كارثة نووية“.
وقالت الصحيفة: ”تملك روسيا الدوافع الخاصة بها لاحتلال محطة زابوريجيا، حيث تقول أوكرانيا إن موسكو تسعى لربط المحطة بشبكة الطاقة الروسية، ما سيؤدي لنهب 20% من الطاقة الأوكرانية في حالة نجاح تلك المحاولة، رغم المخاطر التي تنطوي عليها تلك العملية. ولكن هذه المخاطر تمثل درجة أقل من الأولويات للروس، وتسمح لهم بتشكيل تهديد ضمني للمهاجمين“.
ورأت الصحيفة أن ”روسيا مستعدة للمخاطرة بكارثة نووية، ففي الأيام الأولى للحرب، احتلت مفاعل تشيرنوبيل، خارج الخدمة، وعندما انسحبت قالت أوكرانيا إن القوات الروسية نهبت معدات السلامة، وتم تشويه المحطة، وأشار مسؤول أوكراني إلى أن الأضرار تصل قيمتها إلى أكثر من 135 مليون دولار، في الوقت الذي يمثل فيه القتال في زابوريجيا خطرا لا يمكن حصره“.
ونقلت الصحيفة عن نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وصنع السلام، روزماري ديكارلو، قولها: ”يجب أن نكون واضحين بأن أي ضرر في زابوريجيا، أو أي منشآت نووية أخرى في أوكرانيا ستكون له عواقب كارثية“.
وأضافت: ”الخطر الرئيس ليس بالضرورة أن يتم ضرب المحطة النووية، ولكن تطور الأوضاع يمكن أن يؤدي لقطع إمدادات الكهرباء عن المحطة، ما يعني أن أنظمة التبريد لن تكون قادرة على إبقاء محطة الطاقة النووية ضمن درجات حرارة مقبولة، ورغم وجود مولدات احتياطية، فإنه لا توجد ضمانات في صراع مرير ووحشي في كثير من الأحيان“.
وقال مدير برنامج السياسة النووية في مركز كارنيغي للسلام الدولي جيمس أكتون: ”ببساطة، فإن المفاعلات النووية لم يتم تصميمها كي تكون في مناطق الحرب“.
وقالت ”واشنطن بوست“: ”المثير للدهشة أن الطاقة النووية اكتسبت زخما بعد غزو أوكرانيا، ورغم أن منظمات حذرت من التهديد المحتمل للمواقع النووية أثناء النزاع، فإن التهديد الذي يمثله انعدام أمن الطاقة بالنسبة لبعض الحكومات كان أكثر إلحاحا“.
وأشارت إلى أنه حتى ألمانيا، التي تعهدت بإنهاء الطاقة النووية بحلول نهاية العام، تناقش الآن امكانية الإبقاء ”مؤقتا“ على بعض محطاتها للطاقة النووية، لتجنب الوقوع تحت أهواء إمدادات الغاز الروسية هذا الشتاء.
وخلصت الصحيفة: ”أظهر الموقف في أوكرانيا أن المفاعلات النووية لا يمكن أن تكون بمأمن من الصراعات، حيث قال الزميل البارز في برنامج السياسة النووية لمركز كارنيغي، مارك هيبس، إنه قبل الغزو الروسي لأوكرانيا، لم تتعرض محطة نووية إلى هجوم أو احتلال أو إدارة جيش غازٍ“.