أزمة محافظ البنك المركزي وآخرين!
رغم ثقتى الكاملة في أن الدولة لم ولن تتستر على فساد أو تبقى على فاسد، إلا أن الشفافية تفرض عليها ضرورة الإعلان وبوضوح عن نتائج التحقيقات التي انتهت إليها في المعلومات الكارثية التي تم تسريبها خلال معركة تكسير العظام التي اندلعت عامي 2018 و2019 بين المحافظ السابق للبنك المركزي طارق عامر، والقائم بأعمال رئيس البنك الجديد حسن عبدالله، لاسيما إنها وجهت اتهامات صريحة للرجلين ومعهما قيادات مصرفية على درجة عالية من الحساسية، بتهم تتعلق بإهدار ملايين الجنيهات من أموال المودعين بالبنوك.
أؤكد أننى لست هنا بصدد التشهير أو توجيه اتهامات للرجلين، غير أن الشفافية والكم الهائل من الاتهامات المغلوطة التي تم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي عقب إعتذار محافظ البنك المركزي عن منصبه منذ أيام، تحتم ضرورة إطلاع الرأي العام على حقيقية تلك الاتهامات الكارثية التي وردت بشكل مباشر وصريح قبل 4 سنوات ضمن تقارير رسمية صادرة عن قطاع التفتيش والرقابة بالبنك المركزي، اتهمت حسن عبدالله العضو المنتدب والرئيس السابق للبنك العربي الافريقي بإهدار 9.2 مليار جنيه من أموال المودعين..
حرب تكسير عظام
إلى جانب اتهامات آخرى لطارق عامر محافظ البنك المركزي بالتستر على على قضية إهدار أموال عامة تقدر بملايين الدولارات، لصالح زوجته داليا خورشيد وزيرة الاستثمار السابقة ومعها عدد من قيادات البنوك، والتى وردت أيضا في مذكرة رسمية تقدم بها محمد فؤاد عضو مجلس النواب في ذلك الوقت لرئيس الرقابة الإدارية، غير أنه لم يتم الإعلان حتى اليوم عن نتائج تؤكد براءة أو إتهام أى من هؤلاء القيادات.
وبعيدا عن دوافع وخلفيات الصراع الذى لا يعنينا فيه سوى الحقيقة وبراءة ذمة قيادات رحل بعضهم ومازالوا البعض يشغلون مناصب مرموقة، فإن الواقع يؤكد أن عام 2018 قد شهد حرب تكسير عضام بين رئيسي البنك المركزي السابق والحالي، قام خلالها طارق عامر بإقالة حسن عبدالله من منصبه كعضو منتدب ورئيس مجلس إدارة البنك العربي الأفريقي، استنادا إلى تقرير صادر عن قطاع التفتيش والرقابة بالبنك المركزى حوى اتهامات له بمنح تسهيلات ائتمانية لعدد من كبار عملاء البنك، واستخدام جزء منها في سداد قروض ممنوحة لهم من ذات البنك بقيمة 2.8 مليار جنيه، إلى جانب تسهيلات من بنوك أخرى بقيمة 191 مليون جنيه.
كما وجه التقرير اتهامات آخرى لرئيس مجلس إدارة البنك العربي الافريقي، باستخدام التسهيلات التي منحها للعملاء في زيادة رؤوس أموال شركات قائمة بنحو 950 مليون جنيه، وسداد قيمة شراء أراض لذات العملاء بقيمة 2.9 مليار جنيه آخرى، ومنح تسهيلات لشركات بالخالفة لقرارات تأسيسها وطبيعة نشاطها، إلى جانب منح قروض لشركة مملوكة للبنك واستخدام جزء من تلك القروض في عقد تأجير تمويلي، ثم استخدام ذات الأموال في سداد ديون لذات الشركة التي كان عضوا بمجلس إدارتها.
اتهامات كارثية
ووجه التقرير اتهامات ل حسن عبدالله أيضا بالحصول لنفسه وعدد من كبار المسئولين بالبنك على أموال وصلت في عام 2018 فقط إلى 5.2 مليون دولار دون وجه حق، وإجراء تعديلات على لائحة صندوق العاملين لصرف مستحقاته بالدولار، مما أتاح له صرف 19.3 مليون دولار لنفسه، بزيادة تصل إلى 11 مليون دولار، ليصل إجمالي ما حصل عليه من أموال دون وجه حق إلي أكثر من 411 مليون جنيها، إلى جانب قيامه بزيادة راتبه من 55 ألفا إلى 78.8 ألف دولار دون الإفصاح عن ذلك، وأتاح لـ 7 مديرين الحصول على ما يعادل 119 مليون جنيها “بالدولار” وبما لا يتناسب وحجم أعمالهم وبالمخالفة للائحة البنك التي تعتمد الجنيه المصري كعملة للمرتبات.
أمر الاتهامات الكارثية لم يطال حسن عبدالله بمفرده، حيث شهد ذات التوقيت تحرك من محمد فؤاد عضو مجلس النواب، الذى تقدم بمذكرة لرئيس الرقابة الإدارية حوت اتهامات صريحة ل طارق عامر بالتستر على مخالفات قامت بها زوجتة ”داليا خورشيد” باستغلال منصب زوجها والضغط على عدد من المسؤولين في بنوك حكومية وخاصة، لتأجيل تنفيذ الحجز الإداري على “الشركة المصرية للهيدروكاربون” التى كانت مدينة فى ذلك التوقيت لـ 11 بنكا بمبلغ 450 مليون دولار..
وعجزت عن سداد قسطا واحدا من قروضها لأكثر من 3 سنوات، وذلك بعد تعيين زوجة محافظ البنك المركزي ممثلا للشركة أمام البنوك، في مقابل حصولها على عمولات بلغت 275 ألف دولار، إلى جانب مبلغ 50 ألف دولار راتبا شهريًا نظير القيام بأعمال الاستشارات، ونسبة 3% من القروض التى تقوم بتسهيلها.
كما وجهت مذكرة عضو مجلس النواب أيضا اتهامات مباشرة لعدد من قيادات البنوك بالجمع بين عضوية مجالس إدارات البنوك المانحة للقروض، وعضوية مجلس إدارة شركة “مسار للاستشارات المالية” المملوكة لزوجة محافظ البنك المركزي.
أؤكد مرة أخرى أنني لا أتهم أى من هؤلاء المسؤولين، ولا أقطع بخطأ أو صواب أي من الاتهامات التي وردت في تقرير التفتيش والرقابة بالبنك المركزي أو مذكرة النائب السابق لرئيس الرقابة الإدارية، غير أن ما ورد من اتهامات مع حملة التشكيك التي شنها البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، تحتم على الدولة والأجهزة الرقابة ضرورة إعلان حقيقة براءة ذمة هؤلاء المسؤولين من عدمة.. وكفى.