السيناريو المر لإنقاذ خسائر المليارات في النقل.. كامل الوزير يقرر إعادة هيكلة الإنفاق المالي
على مدار سنوات طويلة لم تتعرض السكك الحديد لخسائر مليارية بالرغم من حملات التطوير ومشروعات التحديث المستمرة، الأمر الذى جعل الهيئة القومية للسكك الحديد مدينة لصالح بنك الاستثمار وعدد من البنوك المحلية والجهات الأجنبية لدرجة أن ديون السكك الحديد لدى البنوك المحلية دفعتها للسحب على المكشوف.
وعلى مدى السنوات الأخيرة قامت السكك الحديد بالاستدانة لتدبير نفقات التشغيل الأمر الذى يجعل الاستمرار على هذا النهج أمرًا شبه مستحيل، وقد يدفع القائمين على قطاع النقل لاتخاذ قرارات أشبه بالجراحة العميقة لتطهير جراج ونزيف خسائر السكك الحديد.
تولى المهندس كامل الوزير، وزير النقل، الوزارة بعد تعرض السكك الحديد لضربة موجهة بسبب حريق محطة مصر، والذى أتى على الأخضر واليابس، وتسبب فى فتح كافة ملفات التطوير والتحديث للسكك الحديد، وكانت الهيئة والوزارة أمام أمرين كلاهما مر.
سيناريوهات الإنقاذ
السيناريو الأول يتمثل فى إيقاف حركة السكك الحديد لحين الانتهاء من أعمال التطوير، وهذا الطرح يصطدم بنقطة ذات أهمية، وهى عدد ركاب السكك الحديد اليومى، والذى يزيد على مليون ونصف المليون راكب يوميا، وفى حالة إيقاف الحركة بشكل مؤقت لحين الانتهاء من أعمال التطوير سيكون على وزارة النقل تكليف آخر، وهو توفير وسائل بديلة لهذا الكم الرهيب من الركاب اليومى، وكان التعداد اليومى للركاب هو السبب الرئيس لعدم تطبيق هذه الفكرة.
أما السيناريو الثانى فتمثل فى استمرار العمل مع تخفيض الرحلات، فى الوقت نفسه بدأت عمليات التطوير والتحديث بالتوازى مع تخفيض ما يصل لنحو 30% من عدد الرحلات اليومى، وهو ما تم بالفعل، حتى عادت أعداد الرحلات لنفس الأعداد القديمة مع نجاح مخطط التطوير.
وعلى مدى السنوات الأخيرة أنفقت «السكك الحديد» مبالغ مليارية لعملية شراء الجرارات وتحديث الإشارات وشراء عربات جديدة وقطارات روسية وإسبانية.
وأثناء العمل على التطوير والتحديث ارتفعت تكاليف التطوير وانخفضت الإيرادات بشدة بسبب ارتفاع تكلفة التشغيل وارتفاع أسعار الوقود عالميا، الأمر الذى دفع وزير النقل والسكك الحديد للتفكير فى مخطط زيادة الأسعار.
وقبل البدء فى دراسة مخطط الأسعار الجديدة للسكك الحديد قامت «النقل» بمراجعة كافة أسعار الخطوط ودراسة موقف الأسعار بالنسبة للقطارات المكيفة والقطارات الجديدة، ودراسة الأسعار على خطوط الضواحى والطوالى من قطارات الدرجة الثالثة والقطارات المميزة.
ووجدت السكك الحديد أن بعض الخطوط تعمل بالفعل بأسعار زهيدة إذا تمت مقارنتها بغيرها من وسائل المواصلات الأخرى، وبعض خطوط السير بين المحافظات ما زالت لا تتخطى 3 و4 جنيهات.
وعلى الفور قامت السكك الحديد بإعداد بيان بأسعار الخطوط بناء على تكلفة التشغيل، وتم تشكيل لجنة مكونة من السكك الحديد ومهندسى التشغيل والإدارات المالية لدراسة الأسعار، وتم إعداد مخطط عام للأسعار شمل كافة الجوانب التى يتم بناءً عليها تحديد القيمة العادلة لسعر التذاكر، وبناءً عليه تم اتخاذ قرار زيادة الأسعار.
التوسع في الشركات
على صعيد آخر، بدأت السكك الحديد مخططًا آخر بالتوازى مع زيادة الأسعار، وهذا المخطط يشمل التوسع فى الشركات داخل الهيئة وإعادة تنقية الإنفاق المالى بما يضمن السيطرة على موارد السكك الحديد خلال الفترة القادمة.
وتضمنت ملامح المخطط الجديد زيادة إيرادات السكك الحديد خلال الفترة القادمة من بيع التذاكر بمعدل لا يقل عن 25%، والتوسع فى إنشاء شركات جديدة بالسكك الحديد لتشمل شركة للصيانة وشركة لتشغيل الورش وإنشاء شركة لقطاع البضائع بخلاف شركة النوم والشركات الحالية، بالإضافة إلى العمل على دراسة موقف العمالة الزائدة والعمالة الحالية.
كما تشمل الخطة دراسة موقف أملاك السكك الحديد، والتى قدرت بما يقرب من 10 مليارات جنيه، والتوسع فى تنمية الإيرادات النوعية من بيع الخردة والاستغلال الإعلانى، وتستهدف السكك الحديد من خطة البنود الخمس السابقة السيطرة على الإنفاق وتعويض الخسائر قدر الإمكان.
نقلًا عن العدد الورقي…